إتفاق السلام بين حركة طالبان وإدارة الرئيس ترمب / يقلب الطاولة ويعمق الخلاف الداخلي ..
تاريخ النشر : 2020-07-11
إتفاق السلام بين حركة طالبان وإدارة الرئيس ترمب / يقلب الطاولة ويعمق الخلاف الداخلي ..


مروان صباح / بالطبع حصيلة الحرب في أفغانستان كانت مزيجاً ناجحاً وفاشلاً وجديراً بالتأمل ، مع ذلك فإن الحرب تكللت بإمرام إتفاق مع أقوى جهة في أفغانستان ، وبعيداً عن العلمية الشهيرة لتنظيم القاعدة في نيويورك وواشنطن 9/11 ، التى صنفت بالأعلى في تخطي جدار الأمني للولايات المتحدة الأمريكية وايضاً بحجم الأرواح التى سقطت دفعة واحدة ، كان البنتاغون على دراية كافية وايضاً من خلال مشاركته مع الأفغان والعرب في قتال السوفيات ، بأن هذه المجاميع سينبت عنها كيان من المستحيل أن يهدأ ، بل كانت الولايات المتحدة على قناعة تامة بأن المشروع الجهادي سيتحول إلى عالمي ، في المقابل ايضاً إيران ، كانت ومازالت تتخوف من المشروع الجهادي السلفي وبالتالي تعاونت في محطات متعددة مع البنتاغون ووكالة الاستخبارات CIA من أجل تفكيك الحركة من جهة ، ومن جانب آخر ، اجتهدت على تشتيت التحالف السني العربي / السني الأفغاني الباكستاني الذي كان يشكل قوة ضاربة في منطقة تعتبر قلب القارة الآسيوية ( غرب اسيا واسيا الوسطى ) .

تماماً كما تحالفا الإيراني والأمريكي معاً أثناء إنقلاب الأمريكان على حليفهم السابق ، الجهادية السنية ، تحالفا ايضاً في العراق نتيجة تخوفات مشتركة من تمدد حركة طالبان والقاعدة في العراق ، لكن كانت النتيجة واحدة ، صحيح أن تحالفهما أنهى طموح صدام حسين ، الرئيس العربي المعدوم ، في سيطرته على المنطقة ، وايضاً أخروا مشروع تنظيم القاعدة بالتمدد ، لكن في المقابل ، تمدد الحرس الثوري الذي يقوده الفكر الملالي من مدينة قم ، بالطبع الأمريكيين لم يكون يجهلون ابداً طموح شيعة الحوزات بالسيطرة على المنطقة ، لكن وضعوه بالطموح الأقل خطورة ، وبالتالي لا يغيب ايضاً عنهم بأن طريق السلام في أفغانستان معقد وشائك وليس بالسهولة التى يظن بها البعض ، لأن في النهاية ، الحرب التى دامت 18 عام ومازال نيرانها مشتعلة ، أسست إلى قيام كيانات مختلفة بالعقيدة وبلولاءات ، فمنذ توقيع إتفاق السلام في الدوحة ، نفذت حركة طالبان حتى اليوم 2000 هجوم ضد قوات الرئيس أشرف غني التى ترفض الأولى الاعتراف بالأخير .

وفي جانب آخر هام ، خلاصة الإتفاق يشير بأنه أُبرم بين الأطراف الأفغانية ، لكن بمضامينه الحقيقية وبهذا المعنى ، هو إتفاق يحمل فقط وقف إطلاق النار بين القوات الأمريكية وحركة طالبان وعلى الأخص الجناح العسكري ، وهذا تماماً ما حصل على الأرض ، توقفت الهجمات بإتجاه الأمريكيون وتستمر بشكل واسع بين الأطرف المسلحة ، يطاف إلى كل ذلك ، الخلاف بين المرشحين للرئاسة ، الرئيسيين أشرف غني وعبدالله عبدالله ، اللذين أعلنا بأنهما فازا في الانتخابات الأخيرة والتى كانت نسبة المشاركة الشعبية ضئيلة ومخزية ، لقد شارك في عملية الانتخابات أقل من 1:5 مليون من أصل 9:5 مليون يحق لهم التصويت ، وبالتالي ، إذا كانت أفغانستان تعتبر حلبة صراع بين الجناح العسكري لحركة طالبان وجماعة الأمريكان ، فإن اليوم باتت الحلبة تعج بالمحاربين ، فتنظم داعش بات يشكل وزن ثقيل على الساحة الأفغانية في المقابل لواء الفاطميين الأفغاني ( الشيعي ) الذي يقاتل في سوريا وبدعم إيراني بات ايضاً له وجود مسلح في أفغانستان ، وبالتالي البلد أصبح مهيأ للعودة إلى سنوات التسعينيات من القرن الماضي ، الصراع المذهبي ، فحركة طالبان كانت قد نشأت كرد فعل طبيعي على الحرب الأهلية الدموية وكانت لها الكلمة العليا بعد مذبحة عرقية الهزارة الشيعية ، بل أعدمت تسعة أشخاص من الحرس الثوري الإيراني كانوا يلتحقون في قنصلية ايران في مدينة مزار شريف عام 1998م ، وبالتالي أفغانستان بلد معروف عنه بالبلد الذي ينقل أبناءه البندقية من كتف لآخر ، على سبيل المثال ، كانوا الإيرانيون في عهد الرئيس اوباما ، رأس حربة البنتاغون في تصفية حركة طالبان والحد من عودتها إلى الحكم ، لكن سياسة الرئيس ترمب باتجاه النظام الايران وانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي ، دفع طهران بقعد إتفاق مع حركة طالبان وأصبح الحرس الثوري يمدها بالمال والسلاح ، وبالتالي مسار السلام ليس فقط متعثر بل سيزداد تعثر بعد إنسحاب القوات الأمريكية ، لأن إدارة ترمب بدأت بتقليص مساعداتها المالية لحكومة ( غني ) بالفعل هذا العام خصمت الخارجية من أموال الدعم للحكومة مليار دولار وفي العام القادم ستخصم مليار آخر ، وبالرغم من رغبة جميع الأطراف المتاخمة لحدود افغانستان بسحب واشنطن قواتها ، الهند والصين وإيران وباكستان لكن الرغبة الأمريكية بالإنسحاب تختلف عن رغبة الآخرين ، فالأمريكيون يعرفون ماذا يتنظر البلد من حروب دامية وبالتالي حركة طالبان بتحالفاتها التاريخية تشكل تهديداً حقيقياً في المنطقة بالطبع إذا ما سمح الأمريكي بذلك .

كما هو معروف وباقتضاب يقتضيه المقام هنا ، تطالب حركة طالبان بخروج جميع القوى الأجنبية من على الأراضي الأفغانية والكف عن دعم الأطراف الأفغانية بالمال والسلاح ، فاليوم استطاعت إبرام اتفاق بينها وبين الولايات المتحدة ، لكن الجهات الآخرى التى لديها مطامع في الجغرافيا وايضاً تتشابك مصالحها مع مصالح قوى داخلية ، من الصعب أن يسلموا لحركة طالبان بانتصارها ، لأن باختصار كما ايران لديها مشروع توسعي في المنطقة ، ايضاً حركة طالبان لديها مشروعها التوسعي والمضاد ، بل قواعده أوسع وأشرس وينتظر الفرصة ، وبالتالي حسب الاحصائيات الأخيرة ، حركة طالبان باتت تسيطر على 39٪ من مجمل الأراضي الأفغانية رغم شحة مصادرها المالية والنقص الحاد بالخدمات ، كانت الإدارة الأمريكية قبل عام تجري عمليات إحصائية للأراضي التى تسيطر عليها بشكل دوري ، لكن مع تمدد المتسارع للحركة ، توقفت عن ذلك ، إذن حيثيات الإتفاق تشير إلى أن الولايات المتحدة وحركة طالبان لم يوقعا فقط إتفاق وقف إطلاق نار ، بل أعادا علاقة الماضي . والسلام
كاتب عربي