الحكومة والبنوك والمواطن! - ميسون كحيل
تاريخ النشر : 2020-07-10
الحكومة والبنوك والمواطن! - ميسون كحيل


الحكومة والبنوك والمواطن!

الحكومة هي الجهة المسؤولة عن تسيير البلاد بما يصب بمصلحة الوطن والمواطن، ورسم خطة مستقبلية تحسن من أوضاع الناس وتوفر لهم حقوقهم في مقابل تقديمهم لواجباتهم. والبنوك مصارف أو مؤسسات غير حكومية تقدم خدماتها للمواطنين نظير مقابل مالي. والمواطن هو المواطن سواء كان صاحب أملاك أو مالك شركات أو أجير يعمل في مصالح خاصة أو موظف في وزارات ودوائر وأجهزة الدولة. وفي ظل الظروف الحالية التي تشبه الحروب والكوارث؛ لا شك بأن الجميع تضرر، ويبقى الضرر بنسب متفاوتة ومن أجل معالجة هذا الضرر على الأقل في تخفيفه، وإيجاد الحلول المناسبة لوقف تأثيراته. وللإنصاف فقد تحملت كل الأطراف المسؤولية كل حسب دوره وعمله ووظيفته، وقد استمعت مؤخراً لحديث اياد زيتاوي رئيس مجموعة الاستقرار المالي في سلطة النقد، وقرأت رد الأستاذ سائد ارزيقات عليه. فالأول طرح رأي سلطة النقد والبنوك دون أن يوضح بأن هذا رأي البنوك أيضاً! والثاني طرح معاناة المواطن ومعاناة الموظف في ظل عدم صرف الرواتب والوضع السيء الذي يسيطر على البلاد. وهنا سأقدم رأياً ثالثاً ومخصصاً لكل مشكلة يتحدث عنها الشارع مع عرض حلول لها خاصة وأننا في حالة تشبه الحروب .
أولاً: موضوع القروض ..حيث لا نطالب بإسقاطها كما حدث في بعض الدول، فبلادنا وحكومتنا وبنوكنا لا يمكن تحمل قراراً مثل ذلك. ونتفهم القرار الذي تعاونت فيه الحكومة مع سلطة النقد والبنوك لتأجيل أقساط القروض وكان قراراً حكيماً بصدق، ولكن قرار العودة عن هذا القرار كان متسرعاً والسبب أن الظروف لم تتحسن بل ازدادت سوءاً، ففي بداية القرار رغم تعطل الاقتصاد وتوقف الأعمال يمكن أن يقال حينها أن المواطن لا تزال في جيبه بعض القروش. والموظف كان يتقاضى راتبه، بينما الآن فلا يملك المواطن قرشاً في جيبه، ولا الموظف يتقاضى راتبه ولا الأعمال عادت ولا للسياحة مكان في بلادنا! فكيف يتم ايقاف القرار مع ارتفاع الضرر وازدياد ملحوظ لسوء الأوضاع. وكيف يمكن للمواطن العادي تسديد قسط القرض رغم أنه لا يعمل الآن ويجلس في منزله وعودته للعمل لا تعرف متى ستكون؟ وكيف للموظف أن يسدد أيضاً وهو لا يتقاضى راتبه؟ ورداً على حديث سابق لرئيس الحكومة، وكذلك رداً على اياد زيتاوي لا بد من توضيح نقطة هامة قد لا يعلمون بها أو غابت عنهم وتتعلق بما أوضحوه حول (الشيكات او القروض)، وأنه طالما الموظف يتقاضى راتبه عليه الالتزام! ولبيان حقيقة بعض الأمور ولشرح واقع المشكلة سأعطى مثالاً على شخص ومثله الآلاف. موظف متقاعد يتقاضى على حسب معلوماتي راتباً تقاعدياً يبلغ (1900 ش) ومنذ تقاعده استطاع ايجاد عمل آخر له وبدخل يحسن من وضعه كما أنه حاصل على قرض من أحد البنوك منذ ثلاث سنوات وكان ملتزما بالتسديد. ولديه أبناء، أحدهم وهو الكبير يدرس في الخارج ويصرف عليه. ومع بداية الأزمة تم تسريحه من العمل وأصبح لا يعتمد على أي دخل آخر فكيف يمكن لهذا المواطن أن يقوم بتسديد قسط القرض وباستمرار مسؤوليته على أسرته وتعليم ابنه البكر وماذا سيفعل إذا كان ملزماً بشيكات معينة وهو كذلك؟ ولا أريد أن أسمع من يقول لماذا ألزم نفسه فليتحمل المسؤولية؟ وأقول لمن يقول عليكم أنتم بتحمل المسؤولية. ولذلك فإن الحل الأمثل الآن، وبما يتعلق بأقساط القروض أن يتم تأجيلها لفترة أخرى ولثلاثة شهور على سبيل المثال لمنح فرصة للتأقلم والصمود لحين زوال الأزمة، ومن حق البنوك أن تتقاضى رسوم على هذا التأجيل ومن لا يرغب فهذا شأنه، وعليه الذهاب للبنك لتوضيح استعداده على السداد أو قبول التأجيل برسوم محددة. إذن المطلوب الآن قراراً جديداً يتضمن تأجيل أقساط القروض لثلاثة أشهر أخرى وإلا فالفقير سيزداد فقراً والغني غنى! وقد يحدث ما لا يحمد عقباه.

ثانياً: موضوع الشيكات ..أن الحجج والمبررات المطروحة بأن هناك أفراد أو مؤسسات استغلت الظروف، وأعادت الشيكات الصادرة منهم كأفراد مقتدرون أو مؤسسات لديها القدرة والاستقرار المالي (أمر وادعاء غير مقنع)! لعقاب المتعثرون مالياً بسبب الظروف لأسباب استغلال المقتدرين للوضع، فالبنوك تستطيع أن تميز بين هذا وذاك وتستطيع بقرار أن تتعامل مع المستغلين للظروف حسب القانون المالي والبنكي في عملية إعادة الشيكات، لكن من المعيب أن تتعامل سلطة النقد والبنوك بنفس الأسلوب مع أصحاب أرصدة الصفر قبل الأزمة وخلالها! ومع المواطن العادي الذي توقف عمله، ومع الموظف الذي توقف راتبه، ومع المتقاعد الذي خسر دخله الآخر سواء مع راتبه أو دونه! والنقطة الأخرى في هذا الشأن التي يجب أن تأخذ اهتمام وانتباه ممن يعتبرون أنفسهم خبراء ماليين، أو رؤساء مجموعات او أغنياء الحروب والكوارث، إضافة للحكومة وأركانها أن هناك مؤسسات ومصالح تجارية وأفراد لم يتأثروا بالأزمة بل استمرت أعمالهم كما هو الحال قبل الأزمة، ومنهم من ازدادت أعمالهم ازدهاراً في ظل الأزمة، وليس من دواعي هنا لتحديدها، وأترك ذلك للخبراء الأشاوس. ويبقى الحل الأمثل للشيكات المرتجعة ليس في تحويلها للنيابة أو القضاء أو التهديد كما يطرح شعبان ورمضان بل في تمييز جهة مصادر الشيكات، ومعرفة أوضاعهم المالية الحقيقية، واتخاذ القرار بناء على ذلك أما فيما يتعلق بالمواطن العادي المتعثر والموظف المنحوس والمتقاعد الغلبان فيجب مراعاة ظروف صراعهم مع الحياة وصعوباتها. ومن الضروري لهذه الفئات أن تلجأ إلى تسوية أوضاع شيكاتهم المرتجعة مع المستحقين لها وبحلول مقبولة للطرفين.

ثالثاً: غرامات الشيكات المعادة، وحقاً إنه من المعيب الحديث عنها أو تأييد البنوك للتعامل مع الشيكات المعادة، وفي حالات الطوارئ والظروف الصعبة التي تعيشها البلاد بالطريقة العادية والمتبعة في الأوضاع العادية! ومن يؤيد أعتقد بأنه لا يعيش على أرض الواقع وقد يكون مستفيداً! أخيراً وليس آخر إن تحمل المسؤولية والتحلي بالأخلاق الوطنية مطلوبة من الجميع والتعامل مع الظروف تتطلب أن يكون في مكان الآخر حتى يشعر بما يمر عليه الآخر من ظروف سواء الحكومة أو البنوك أو المواطن.

كاتم الصوت: صافي أرباح البنوك عام 2019. هل تعرفون؟ أفضل أن لا تعرفون!

كلام في سرك: مجموعات استقرار بحاجة لاستقرار والابتعاد عن حمل الكرباج!