الرصاص العشوائي يقتل الفرح بقلم:أ.يسري النباهين
تاريخ النشر : 2020-07-10
الرصاص العشوائي يقتل الفرح

متى يدرك البعض أن السلاح ليس التباهي والتفاخر والاستعراض، وأن حيازته واستخدامه تحكمهما ضوابط وأنظمة ولوائح مشددة ومن يخالفها يقع تحت طائلة العقاب. المتباهون هؤلاء يدفعهم إلى ذلك الجهل بالنظام واستسهال كل شيء، ولا يدركون خطورة مسلكهم إلا بعد فوات الأوان، ولم يعد المجتمع يتقبل مظهر المستعرض بإطلاق النار في الهواء للفت الأنظار والتباهي

حين تعم الفوضى يصبح التعبير عن الفرحة بإطلاق الرصاص عشوائيّا، فيخلف ضحايا أبرياء لا ذنب لهم سوى صدفة جمعتهم بمتهورين يستعرضون قوتهم دون قراءة العواقب الوخيمة التي خلفتها هذه الظاهرة في مناطق عديدة من الوطن للاسف هذه الظاهرة تعود لموروث ثقافي  واجتماعي يمارس منذ سنين. وتعتبر نوع من الاسقاطات النفسية  وهي من باب التفاخر والتحدي الذي يمارسها البعض علي مرءه من الناس. فألازعاج هنا لا يعبر عن الفرح بل عن الم المجتمع الذي يفقد من خلاله نفس بشرية من جراء جهل مطلقوا الرصاص الطائش وهذا يدل علي الفراغ النفسي والاجتماعي الذي أصابهم . 

لا يعلم كثير من الذين يطلقون الأعيرة النارية في الهواء خلال الأفراح والمناسبات الاجتماعية ونتائج التوجيهي  أنهم قتلة ومجرمون وهم لا يشعرون.
كثير من المواطنين سقطوا ضحايا الرصاص الطائش، منهم من توفي قتيلا، ومنهم من أصيب بإصابات بليغة خصوصاً الذين اصيبوا برصاص طائش اخترقت جمجمة الرأس فيصابون بالشلل او يصابون بغيبوبة مفتوحة يصعب شفاؤهم منها، وقليل منهم من ينجون من الإصابات البليغة ويصابون بجروح طفيفة.
هل حدَّث شخص يمارس إطلاق النار خلال الأفراح والمناسبات نفسه بأنه مشارك في قتل أو إصابة شخص وهو لا يعلم؟.. هل فكر أنه قد يكون أحد الضحايا؟.. هل فكر ان يكون أحد اقربائه أو أحد أطفاله ضحية من ضحايا الرصاص الطائش
الجهات الأمنية مئات المرات تعلن للمواطنين من خلال الحملات التوعوية في مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عن حظر إطلاق النار في الهواء في الافراح والمناسبات وخطورته، وتحذر أيضا من استمرار هذه الظاهرة وتعتبرها جريمة يعاقب عليها القانون.. ومن يمارس إطلاق النار فهو شريك في زعزعة الأمن وقتل المواطنين في الطرقات والأسواق والبيوت.

صور مؤلمة تتناقلها وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من حين لآخر.. طفلة تصاب في جمجمتها برصاص طائش.. طفل في العناية المركزة.. رجل يسقط في الشارع ويفارق الحياة.. امرأة تعاني من شلل لا تستطيع التحرك.. وغيرهم كثير.. واعتقد أن الكثير شاهد مثل هذه المناظر ويشعر بالحزن والأسى لما حل بمثل هؤلاء الضحايا بسبب بعض الاشخاص الذين يفضلون إشباع رغباتهم الشخصية على حساب أمن وسلامة المواطنين.

واختم مقالي  بانّها قضيّةٌ وطنيّة تستدعي التفات المعنيّين تجاهها، وكذلك المجتمع الأهلي، مع تأكيد ضرورة تفعيل القوانين الموجودة أصلاً في القانون الفلسطيني ، والتي تعاقب على إطلاق النار في الأماكن المأهولة بالسكّان، لكنّ المشكلة باتت أعمق من تنفيذ القانون، فهناك حاجةٌ إلى توعيةٍ تبدأ من المنزل وتمتدّ إلى المدرسة، وتليها الجامعات والنّوادي الشبابيّة، وكلّ مؤسّسة يمكن من خلالها مخاطبة الأجيال الصّاعدة، لإعادة تشكيل مفهوم جديد، وبناء ثقافة تحترم الإنسان، وتدرك خطورة تلك الظّاهرة وآثارها السلبيَّة على المجتمع...

بقلم الأستاذ/يسري النباهين