إجتماعان تقليديان بقلم:عمر حلمي الغول
تاريخ النشر : 2020-07-08
إجتماعان تقليديان بقلم:عمر حلمي الغول


النشاط السياسي والديبلوماسي الفلسطيني والعربي والأممي الهادف لإحياء عملية التسوية السياسية ومواجهة صفقة القرن الترامبية المشؤومة، وإعادة الإعتبار للقضية الفلسطينية وحقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني العليا أمر في غاية الأهمية والضرورة، وخاصة في هذة المرحلة الحرجة، التي تشهد تغولا إسرائيليا غير مسبوق يقوده رجل مهووس بكرسي الحكم، ويتكء على قوى اليمين الصهيوني الفاشي، وايضا مدعوم من رجل أكثر هوسا وجنونا بالحكم والشعوذة يقود الإمبراطورية الأميركية. كما وتتجلى اهمية الفعل الديبلوماسي في محطة نوعية من صيرورة البشرية، حيث يمر العالم في حالة من اللا توازن، والتفكك، والأزمات البنيوية العميقة المتفشية في أصقاع الدنيا عموما، وبين الأقطاب الدولية خصوصا. لا سيما وان التاريخ ينتظر نشوء وولادة نظام عالمي جديد في اعقاب المخاض العاصف منذ عام 2008 حتى اللحظة، وهذا يفرض فرضا على قيادة منظمة التحرير إبقاء القضية الفلسطينية، وعملية السلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي حاضرة في المشهد المحلي والعربي والإقليمي والدولي، وعدم السماح بإنطفاء جذوتها.

وعليه فإن كل إجتماع أو قمة ضيقة او موسعة وعلى كل المستويات يخدم الغاية المذكورة آنفا. بيد ان الإجتماعات والقمم ما لم ترتقِ لمستوى التطورات الجارفة والعاصفة في المنطقة والعالم، سيكون مردودها ضعيفا، ومحدود النتائج. دون ان يعني ذلك عدم  مباركة وتثمين هذا الجهد والنشاط أو ذاك.

أمس الثلاثاء الموافق 7 تموز / يوليو الحالي (2020) عقدت قمتان عبر الفيديو كونفرس بادرت بالدعوة للإجتماعين العربي الأوروبي والعربي العربي المملكة الأردنية الهاشمية، وشارك في الإجتماع الأول: كل من: ايمن الصفدي، وزير خارجية الأردن، وسامح شكري، وزير خارجية مصر، ووزراء خارجية فرنسا والمانيا والأمين العام للجهاز الأوروبي لبحث مستجدات القضية الفلسطينية. واكدوا جميعا رفضهم سياسة الضم الإسرائيلية، لإنها تمثل إنتهاكا صارخا للقانون الدولي، وجددوا تمسكهم بخيار السلام الممكن والمقبول وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وتوعدوا إسرائيل بإجراءات غير حميدة في حال اقدمت على عملية الضم، لإعتقادهم، ان هكذا خطوة سيكون لها "عواقب خطيرة على أمن وإستقرار المنطقة، وستشكل عقبة كبيرة أمام جهود تحقيق سلام شامل وعادل".

وعقد الإجتماع العربي الثاني ايضا امس الثلاثاء عبر ذات الآلية، وحضره وزراء خارجية الأردن، الإمارات العربية، السعودية، مصر، والمغرب وفلسطين. وهذة الدول، هي اعضاء الوفد الوزاري العربي المنبثق عن لجنة مبادرة السلام العربية. كما وشارك ايضا فيه كل من وزراء خارجية تونس، العضو العربي في مجلس الأمن، وسلطنة عُمان، رئيس الدورة العادية الحالية لمجلس الجامعة العربية، والكويت، العضو السابق في مجلس الأمن بالإضافة للأمين العام للجامعة العربية، واصدروا في نهاية الإجتماع بيانا سياسيا يستجيب سياسيا مع محددات الموقف الوطني الفلسطيني والقمم العربية المتعاقبة، وأكدوا على الثوابت الوطنية الفلسطينية، وتمسكوا بمبادرة السلام العربية كأساس للحل مع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

مما لا شك فيه، ان مبادرة الشقيقة الأردن لعقد الإجتماعين امس تعتبر مبادرة شجاعة ومسؤولة، وتضفي الجدية على مواقفه تجاه ما يجري على الأرض الفلسطينية من جرائم حرب صهيونية تستهدف فيما تستهدف المملكة الأردنية بشكل مباشر، وليس غير مباشر. كما ان مشاركة الدول الأوروبية (فرنسا وألمانيا وممثل الإتحاد الأوروبي) ووزراء الخارجية العرب المذكورين آنفا تعتبر خطوة إيجابية، وتحسب لهم ولدولهم.

لكن ليسمح لي المشاركون في الإجتماعين إعتبار إجتماعيهما تقليديان، ولم يخرجا عن السقف السياسي والديبلوماسي المعتاد، والذي لا يتجاوز ما هو مسموح به أميركيا وإسرائيليا. مع ان الضرورة تحتم على النظام الرسمي العربي، ودول الإتحاد الأوروبي الخروج من عنق الزجاجة الأميركية الإسرائيلية، إن كانوا فعلا معنيين بتطبيق وتنفيذ مبادرة السلام العربية وفق محدداتها الأساسية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. اي كان مطلوبا تضمين البيان والمواقف المعلنة في الإجتماعين وضع النقاط على الحروف، ووضع اسس وقواعد لفرض العقوبات السياسية والديبلوماسية والتجارية والأمنية على دولة الأبرتهايد الفاشية الإسرائيلية، والرفض المطلق للصفقة المشؤومة، وإدانة كل لقاء تساوق معها في اميركا او العالم العربي، والدعوة الجدية لوقف فوري ومباشر لعمليات التطبيع المجانية مع دولة الإستعمار الإسرائيلية. خاصة وان بعض الدولة المشاركة في الإجتماع الأخير متورطة مباشرة في التطبيع المجاني، وتقديم الدعم المالي والمعنوي والسياسي لدولة فلسطين، وليس إستجداء إسرائيل الكف عن الضم وجرائم الحرب الأخرى.

مرة اخرى شكرا لكل من ساهم وشارك في الإجتماعين. بيد ان المصداقية تفرض المكاشفة للأشقاء والأصدقاء، أن كنتم تريدون حماية خيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، عليكم فرض العقوبات فورا على حكومة نتنياهو، ووقف التطبيع مع إسرائيل بكل اشكاله، دون ذلك ستبقى إجتماعاتكم على اهمية بياناتها، مجرد إجتماعات شكلية، لن تؤثر في وقف الفجور والتغول النتنياهوي الترامبي.