هل ستُقرع أجراس العودة فعلا يوما يا فيروز؟ بقلم:منجد صالح
تاريخ النشر : 2020-07-08
هل ستُقرع أجراس العودة فعلا يوما يا فيروز؟ بقلم:منجد صالح


غنّت فيروز، المطربة المُبدعة ذات الصوت البلبلي، ذات يوم أغنية “أجراس العودة”، للشاعر الأديب الكبير سعيد عقل:

“سيف فليشهر في الدنيا ولتصدع أبواق تصدع

الآن الآن وليس غدا أجراس العودة فلتُقرع …”.

فردّ عليها الشاعر الكبير نزار قبّاني:

“غنّت فيروز مُغرّدة وجميع الناس لها تسمع ..

الآن الآن وليس غدا أجراس العودة فلتُقرع ..

من أين العودة فيروز والعودة يلزمها مدفع ..”.

وجاء الأديب الشاعر عماد الدين طه ليدقّ أجراس العودة ويُغنّيها لطفي بشناق:

“أجراس العودة إن قرعت أو لم تقرع فلم العجلة؟

لو جئنا نقرعها حالا كانت “دُم تكّ” كالطبلة

فالعُربُ بأخطر مرحلة وجميع حروفهم علّة …”.

هل نحن قريبون من يوم قرع الأجراس من على كنيسة المهد في بيت لحم وكنيسة القيامة في القدس وكنيسة البشارة في الناصرة، أم أصبحنا بعيدين ونزداد بعدا كل يوم عن سماع قرع أجراس الكنائس، حتى أجراس كنائس الفاتيكان؟؟!!

وهل سترفع يوما زهرة من زهرات فلسطين أو شبل من أشبال فلسطين راية فلسطين، عالية خفّاقة، على أسوار القدس ومآذن القدس وكنائس القدس، كما كان يقول دائما أبو عمّار ويتمنّى؟؟؟

هل نسير على “طريق الآلام”، من باب الأسباط إلى كنيسة القيامة، مُقتفين خطوات وآثار السيد المسيح، الفلسطيني الأول، حاملا صليبه المغروزة فيه أطرافه بالمسامير والدماء تسيل منها والآلام تتملّكه من فرط العذاب والجلد، على يد “جلّاديه” وصالبيه وعاقريه والواشين به!!!

يهوذا الاسخريوطي ما زال يجول في الديار، ويوشي بالأخيار، “بالأغيار”، كما وشى “بمعلّمه” يسوع الناصري.

كم من يسوع صلبوا وكم من يسوع سيصلبون؟؟!!

“من زفّة عرس إلى زفّة شهيد”، الشاب أحمد عريقات، من بلدة أبو ديس المُتاخمة للقدس، أسرع الخطى بسيّارته، مُتجها لمدينة بيت لحم، مولد السيّد المسيح، ربّما لملاقاته؟؟

اليوم عرس شقيقته، توأم روحه، ابنة أمّه وأبيه، يجري في عروقه الدم القاني ذاته، بنفس صفاته، الذي يجري في عروقها.

وهل يستطيع النفاذ من الدم إلا إلى الدم، من العرس إلا إلى “عرس الدم” يا لوركا؟؟

يحمل في عروقه دمه ودم شقيقته فيلقاه دمه، هو لوحده، مصلوبا على حاجز “الكونتينر”، حاجز يهودا الأسخريوطي، على مشارف بلدته أبو ديس، وعلى بعد صوت أجراس كنائس بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور.

إنطلق أحمد مسرعا كالسهم من قوسه المشدود، من بيته، قاصدا “باب الله”، إلى بيت لحم، مُتحفّزا لجلب آخر متطلّبات عرس شقيقته، اليوم، بعد عدّة ساعات، ستظهر كالحمامة البيضاء، في “الكوشة”.

لو كانت مدينة القدس، زهرة المدائن، بلا أصفاد جدار الفصل العنصري والضمّ والتوسع، لهانت الأمور على أحمد، ولسار الهوينا عدّة دقائق لبلوغ مُبتغاه، ولصلّى ركعتين تحية للمسجد الأقصى، واشترى “الرتوش” الاخيرة لعرس شقيقته.

ولكان عاد سالما غانما على وقع أجراس كنيسة القيامة، يسمعها عن بعد تودّعه.

لكن القدس مقفلة أمام بلابلها الدوح، مفتوحة أمام الطير من كل جنس، تتحكّم بها الغربان السوداء.

فاضّطر أحمد عريقات أن يقصد بيت لحم عن طريق “وادي النار” حتى يُلاقي النار.

كان مسرعا، مسرعا قليلا، فالساعات والدقائق أمامه معدودة، حتى المساء، حفل عرس شقيقته.

دخل بسيّارته في “حرم” حاجز جنود يوشع بن نون، المتحفّزين المتربّصين دائما لرفة الحمامة.

 أحد الجنود أشهر في وجهه فجأة، وفجأة دون سابق إنذار، يده بإشارة قف، فداس على فرامل السيّارة فجأة، حتى يُجاري “فجأة” اشارة الجندي. فانحرفت سيّارته واصطدمت قليلا، ربما قليلا جدا، “بالجزيرة” العالية وسط الطريق.

أمطره الجنود بزخّات من الرصاص، من جميع الجهات، فالتهمة جاهزة معلّبة في قمقمها: “محاولة دهس”!!!

ألا يوجد في قاموس جنود يوشع بن نون “حادث سير”، حادث عرضي، حادث طارئ بسبب اشارة الجندي الطارئة؟؟!!

هل تستدعي “ظروف وملابسات” حادث السير أن يبقوه “مصلوبا” على الأرض، بعد أن حذفوه من مقعد سيّارته، وأبقوه في “طريق الآلام” ينزف ساعتين حتى أسلم روحه شهيدا لباريها؟؟!!

أصرّت والدة الشهيد أحمد عريقات، الفلسطينية الصابرة المُحتسبة، أن تزفّ ابنتها عروسا، وأن تزفّ، في نفس الوقت في نفس اليوم، ابنها أحمد شهيدا إلى جنّات الخلد مع الأنبياء والشهداء والصالحين والصدّيقين، باذن الله ومشيئته ووعده.

مآذن مساجدنا تصدح وأجراس كنائسنا تقرع احتفاء بارتقاء شهدائنا إلى السماوات العُلا.

فهل ستقرع أجراس الكنائس يا فيروز يوما احتفاء واحتفالا بالعودة والنصر؟؟؟