قد لا يحيد القول عن جادة الصواب إذا قلت أنّ الشعر (فن قولي) وهو بهذا يعتمد اللغة كوسيلة في إيصال رسالته، لذا فهو كما يراه «مالارميه» تعبير باللغة البشرية التي أرجعت إلى
إيقاعها الأساس، إيقاع المعنى الغامض لمظاهر الوجود، بمعنى أن شرط الشعر ينبع من اكتساب لغته إيقاعاً خاصاً يتشكل من قوة الغموض في الطبقات العميقة للمعنى، تلك التي تحاول تفسير مظاهر الوجود المعقدة تفسيراً شعرياً، ينتظم في بنية إيقاعية داخل النص الشعري، وهو بهذا يوصف على انه بنية رمزية تفتح أبوابها من داخل شبكة الدلالات التي تمتزج بها، ضمن ارتباط حيوي بين الشعر والموسيقى والعلاقة العضوية بينهما.
شاعر التونسي جلال باباي أنجبته الساحة الأدبية والإبداعية التونسية منذ زمن طويل،وأبدع في تأثيث المشهد الشعري تونسيا وعربيا بقصائد عذبة تدغدغ المشاعر والأحاسيس وتصقل الذائقة الفنية للمتلقي وتزيدها متعة واستمتاعا،لذا أدعو-القارئ الكريم-بكل -حفاوة- للرقص مع هذا الشاعر التونسي القدير على ايقاع القصيدة-العذبة- التالية دون أن يفوتني إهداء تحية من خلف شغاف القلب إلى -فلسطين الحرة-،مثلما أهداها الشاعر جلال باباي تحية منبجسة من الضلوع:..
(تقديم الناقد التونسي محمد المحسن)
لا تتحاملوا على السماء إن أهدتنا الفرح
إلى ....كمبرلاي
Kimberley Kamkoum
حمامة سلام سكوتلانديّة...تنشد الحرّية في رام الله ...
تتيقــّظ الصباحات على غير عادتها
ثمّة هدير يمامة فوق تلّة ربيع تونسي
تنشد أشواقها
وتغمّس أصابعها بالحنـــــّـاء
ثمّ تلقي بصبابات "ادينبورغ" الفاقعــة
تحت شجر القوارص
تعتلي " كمبرلاي" سحابات السماء
تغترف عسل حلمها
وتمضي أشبه بطفلة إلى خيمتها
تلملم حكاياها العتيقة
يرشدها الطريق إلى ..بوّابات أفئدتنا الهشــــّـة
تروي لنا مسارات الجماهير الغاضبة
في الخليل...بيت لحم و رام الله..
وبعيد...دمعة وقبلتين تجمّع الطفلة
باقيات بهجتها المتلاشية
وتنتفض" ميرال" فوق رمال ساخنة
ناعمة بأهازيج آذار "فلسطين حرّة...."
ترشد البنيـّـة النوارس
إلى بياض الرايات فوق قبّة الأقصى
..ثمّة عباب هذا المتوسّط ،
بقعة شمس ملتصقة بالغروب
وأنثى وارفة بشذى فكرة في الظلام
تحتسي عصارة الزمن الصّعب
تتفقــّّد فواصل طفولتها المنسيّة
تنام مثل الفقراء في العراء ،
ثم تزمجر بنخوة في وجوه الظالمين
" لنا الأرض واحدة"
.. نتقاسم أحزاننا مثل الشرفاء
فلا تتحاملوا على السماء..إن أهدتنا الفرح.
الشاعر التونسي جلال باباي
عن قصيدة "إلى ....كمبرلاي" بقلم:محمد المحسن
تاريخ النشر : 2020-07-03
