الفلسطينيون بين الانتفاضة والمقاومة الشاملة بقلم: عماد عفانة
تاريخ النشر : 2020-06-30
الفلسطينيون بين الانتفاضة والمقاومة الشاملة بقلم: عماد عفانة


الفلسطينيون بين الانتفاضة والمقاومة الشاملة

بقلم الكاتب عماد عفانة

محلل سياسي فلسطيني

بعد 72 سنة من التيه في المفاضلة بين الحل السياسي والمقاومة المسلحة، يبدو أننا أمام استخلاص انه لا يجب اعتماد سياسة الكفاح المسلح ونقطة، بل يجب تفعيل المقاومة الشاملة وهي مقاومة اوسع واشمل وتعم كل الشعب الفلسطيني كما تشمل كافة ما يخطر على البال من وسائل لمواجهة الاحتلال.

وكما ان الجيوش الفوضوية لا يمكن ان تحقق نصراً في أي معاركها وكذلك الشعب الفلسطيني لا يمكن ان ينجز التحرير دون ان ينظم نفسه ويكون قويًا عبر امتلاك المؤسسات السياسية والاقتصادية والتعليمية والصحية والتشغيلية القادرة على مواجهة احتلال تدعمه دول عظمى.

حل السلطة هو اكثر جريمة يمكن ان ترتكب بحق الشعب الفلسطيني بعد جريمة اوسلو، لان حل السلطة هو دعوة للفوضى، وهي عملية ستمثل تضحية بإحدى افضل اوراق القوة التي حازها الشعب الفلسطيني داخل الارض المحتلة، كثمن للتضحية بانتفاضة 1987.

فعوضا عن التهديد بحل السلطة وتسليم سلاحها للمحتل كما يشاع، وكأن السلطة كيان وظيفي انهى مهمته ويسلم ادوات العمل لمشغله، بل يجب التمسك بالسلطة كمنجز وطني وكنقطة ارتكاز وانطلاق لتنظيم المقاومة الشاملة ضد الاحتلال في شتى بقاع فلسطين، واستثمار قدرات ومقدرات السعب الفلسطيني في كل بقعة من العالم.

فبقاء السلطة وتحولها الى كيان مقاوم فوق الارض الفلسطينية من اهم اوراق القوة للشعب الفلسطيني، على ان تتبعها خطوة اخرى، وهي التوافق على قيادة عليا لشعبنا خارج الأرض المحتلة لإعفائها من الضغوط، سواء عبر اصلاح منظمة التحرير او عبر تشكيل قيادي اخر يشكل مظلة للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ويشرف على تنظيم المقاومة الشاملة للمحتل حتى دحره.

المقاومة الشاملة لكل مكونات شعبنا الفلسطيني، والانتفاضة الشاملة لسعبنا الفلسطيني داخل الارض المحتلة هو الكفيل بإيقاف قطار التطبيع مع الدول العربية التي انتقلت عبر قفزة بهلوانية مفضوحة من كونها دول الطوق، الى عمق استراتيجي لكيان الاحتلال،

والمقاومة الشاملة في الداخل والخارج والانتفاضة الشاملة في الأرض المحتلة هو الكفيل بإعادة عواصم العرب التي اسكرها الغرام بالاحتلال الى دورها الطبيعي في مناصرة ودعم الحق الفلسطيني، فالتعويل لا يجب ان يكون على الانظمة فقط بل يجب تخصيص الجزء الاكبر من الخطاب السياسي والاعلامي ليوجه للشعوب العربية والاسلامية التائهة في زحمة الاحتياج اليومي للقوت والعمل.

حالة الفوضى التي باتت تغرق الدول العربية من المحيط الى الخليج لا يجب ان تحبطنا كفلسطينيين وكأننا فقدنا الظهير العربي، بل يجب ان تكون حافز لنا لتغيير خطابنا وتغيير ادواتنا ومغادرة مربعات وقوالب في التعامل مع الانظمة العربية، لصالح توظيف الفراغات والخلخلة في النظام العربي الرسمي للنفاذ الى عمق الساحات العربية وانشاء مع احرار العرب قواعد للدعم والنصرة والاسناد بكافة اشكالها ومستوياتها دون استثناء.