غربة الموت.. عودة اليرموك، ولتصمت الأصوات التي تتحدث عن خرائط بقلم علي بدوان
تاريخ النشر : 2020-06-30
غربة الموت.. عودة اليرموك، ولتصمت الأصوات التي تتحدث عن خرائط بقلم علي بدوان


غربة الموت.. عودة اليرموك، ولتصمت الأصوات التي تتحدث عن خرائط...

بقلم علي بدوان

ما اقساها، الموت بالغربة، غربة الموت، موت على موت، حتى لوكانت تلك الغربية بأي بقعة بالأرض. فغربة الموت أبدية، يسكن صاحبها، سكناه، بانتظار يوم الوعيد. ولكن (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (لقمان 34).

غربة الموت، كانت على الدوام، مُصطلح فلسطيني خالص، لاحقه في غربة قسرية، فُرضت على الفلسطيني، الذي كان ومازال يقول : "من لاوطن له لا قبر له". فالموت في دياسبورا المنافي والشتات، هو الغربة الإضافية، التي مازالت تلاحق شتات لاجىء فلسطيني، على مقربة من وطنهم التاريخي في بلدان الطوق الثلاث. فموت الغريب شهادة.

واذا كان الموت هو انعدام الوجود بحيث تصير غائباً عن اللحظة والمكان، فإن المعنى المرادف لهذا الانعدام هو الغربة. غربة الموت، تم حتى الإيغال بطعنها، لدى من يعبث بقبور الراحلين من مدنيين وشهداء، ونقول لهم، كما قال الشاعر الشهيد توفيق زياد منذ سنواتٍ طويلة :   أنا ما هنت في وطني ولا صغّرت أكتافي، وقفت بوجه ظلامي يتيماً، عارياً، حافي ... حملت دمي على كفي وما نكسّت أعلامي، وصنت العشب الأخضر فوق قبور أسلافي ...  أناديكم... أشد على أياديكم.

غربة الموت، آن لها أن تتوقف، وآن لنا أن نلملم رفات من سبقنا، لتعود بتلك الرفات معنا الى فلسطين، وطننا الأزلي الذي لاوطن لنا سواه، في حاضنتنا العربية الشامية في سوريا الطبيعية، التي تنتمي اليها : بشريا، وجغرافياً، وتاريخياً، وثقافياً. فنحن من قطعة القماش الواحدة، ومن الطينة الواحدة، ومن الزيتونة الشامية الواحدة، ويشهد تاريخ فلسطين على هذا قبل النكبة، عندما أكثر من نصف سكانها من سوريا الحالية ومن لبنان...

وفي مسار كسر غربة الموت، آن الآوان لعودة سكان وعموم مواطني مخيم اليرموك من سوريين وفلسطينيين، واعادة بناءه كما كان، ولتصمت الأصوات التي تتحدث عن خرائط، من حينٍ لأخر، وتتجاوز كلام القيادة السياسية في البلد، التي اعطت اوامرها بعودة كل الناس، وعودة اليرموك الى سابق عهده.

والدتي أمي، الحجة أم العبد، ووالدي الحج ابو العبد، طال الزمن أم قصر، موعدنا في فلسطين، لننقل الرفات الى هناك، على يدنا أو يد احفادنا...