جوليتو كييزا: الصحفي الذي بكى من اهوال الحرب بقلم:بسام صالح
تاريخ النشر : 2020-06-30
جوليتو كييزا: الصحفي الذي بكى من اهوال الحرب بقلم:بسام صالح


جوليتو كييزا: الصحفي الذي بكى من اهوال الحرب. 

على المجتمع الغربي ان يفرض حلا

بسام صالح

توفي يوم 26 ابريل أحد كبار الصحفيين الايطاليين جوليتو كيزا عن عمر يناهز الثمانين عاما، كان مراسلا لكبريات الصحف الإيطالية لاستامبا، لاريبوبليكا وعمل مراسلا للتلفزيون الإيطالي في أفغانستان، ومعروف عنه انه كان عضوا بارزا في الحزب الشيوعي الإيطالي السابق وانه الصحفي الانسان الذي بكى وهو ينقل اهوال الحرب التي شاهدها ونقلها عبر شاشات التلفزة. قبيل شهرين من وفاته في 28 فبراير2020 اجرت معه قناة تلفزيونية مقابلة هامة خاصة تحدث فيها عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كان لها صدى اعلامي مميز، واكراما له ولمواقفه الداعمة لحركات التحرر في العالم، قمنا بترجمة المقابلة كاملة وهذا نصها.  

"بينما كان الذعر ينفجر في جميع انحاء العالم لمواجهة الفيروس التاجي كورونا، تركيا تحمي الناتو (حلف شمال الأطلسي) ب 30.000 إرهابي وتستخدمهم ضد الاكراد وضد سوريا، التي تحاول بمساعدة روسيا استكمال استعادة أراضيها الوطنية حول مدينة ادلب. تعلن "روسيا اليوم" ان نتنياهو ينوي المضي في مشروع بناء 3.500 منزل للمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية. 

عندما قدم خطته للسلام في البيت الأبيض مع ترامب، قال نتنياهو فورا، إذا وافق الفلسطينيين على اقتراحنا، حسنا، وإذا لم يقبلوه، فسنمضي في مشروعنا بكل الأحوال. وبما انه تم رفض الاقتراح (غير المقبول) بشكل قاطع، فانه أي نتنياهو مستمر في مشروعه. 

وكلما اقترب حل ممكن للصراع الإسرائيلي الفلسطيني تنفجر ازمة في الوقت المحدد، ولطالما قالت الحكومات الإسرائيلية انها مستعدة للحوار: بدأت باتفاقية مهمة في أوسلو. ولكن عندما نقترب خطوة من الحل يتم تفجير الصفقة. ونتيجة لذلك يتم انتزاع قطعة ارض من فلسطين، وهكذا أصبحت الأراضي الفلسطينية أصغر وأصغر. 

وللانتقال من قطعة ارض فلسطينية الى أخرى، عليك المرور عبر نقاط التفتيش التابعة للجيش الإسرائيلي. إذا ما نظرت للخريطة ستدرك ان فكرة الدولة الفلسطينية اليوم لم تعد قابلة للتحقيق ماديا الان. في الواقع لم تعد الدولة الفلسطينية موجودة: لقد تم احتلال الضفة الغربية للأردن على اجزاء صغيرة، ونظام المستعمرات الاستيطاني يتم بطريقة علمية لمواصلة قطع أجزاء من الأراضي الفلسطينية، بحيث لا يستطيع الفلسطينيون (واغلبيتهم من المزارعين) حتى التحرك لبيع منتجاتهم، او استخدام مصادر المياه. حتى الذهاب الى المدرسة يجب على الأطفال الفلسطينيين اجتياز الحواجز الإسرائيلية. 

ما سمي مشروع السلام بين ترامب ونتنياهو تم توفير جسر كهدية أمريكية: لربط بعض المناطق الفلسطينية مع قطاع غزة ولكي لا يزعج الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة، كان الجسر قد عبرها، نأخذ الأرض وفي المقابل نقيم لك الجسر. وبما ان الاتفاق لم يكن موجدا (ولم يكن من الممكن ان يكون)، فقد اخذوا الان قطعة ارض أخرى واقاموا 3.500 منزل، ل ألاف المستوطنين.

لماذا يفعلون ذلك: انهم ينشئون موقعا مأهولا جديدا، ثم يعسكرونه لتجنب الهجمات المضادة الفلسطينية مهما كان نوعها.

هذه هي الطريقة التي تأخذ بها إسرائيل كل فلسطين، وستجد نفسها مسيطرة على كامل الأرض – لجيل واحد: فعندما يتزايد عدد الفلسطينيين، ستتغير الأمور، بالنظر الى ان مخيمات اللاجئين الفلسطينيين على وشك الانفجار الديموغرافي. لكن الإسرائيليين مازالوا يعتقدون انهم يتوسعون. 

لكن عليك الحذر: وراء سلوكهم (نتعاون أولا، ولكن بعد ذلك نكسر ونأخذ)، هناك دائما فكرة إسرائيل الكبرى، أي الأرض التي منحها الله لإبراهيم! ولا يستطيعون رفض ذلك. ماذا يريدون؟ يريدون لبنان، يريدون قطعة من العراق، قطعة من سوريا، انهم يريدون أراضيهم "التوراتية"! والانتقال الى هذه المنطقة. 

لن تجد أي اتفاق ابدا: وراء هذا المنطق الذي يبدو سياسيا ولكنه بدلا من ذلك ديني (من التعصب الديني)، فلا توجد إمكانية لاي اتفاق. هذا هو: اذا اعطانا الله هذه الأرض، فلا يمكن لاحد الدخول في مناقشة مع الله، لان الله هو الذي اعطانا هذه الأرض، اذاً كل الذين يمنعوننا ليسوا ضدنا: إنهم ضد الله، وبالتالي لا توجد طريقة للنقاش.

 الاحتمال الوحيد هو ان يُفرض حلا ما وعلى المجتمع الغربي أن يقرر تنفيذه عاجلاً أم آجلاً. لكن الوقت متأخر الآن، لأنه لم يعد هناك احتمال مادي لدولة فلسطينية. لذلك أعتقد أنه لا يمكن توقع أي شيء سوى تدهور منهجي ومستمر. الدماء لسوء الحظ، ستسيل هناك الكثير من الدماء."