قصائد ثلاث بقلم:د. إبراهيم صبيح
تاريخ النشر : 2020-06-27
قصائد ثلاث بقلم:د. إبراهيم صبيح


قصائد ثلاث

القصيدة الأولى بعنوان "أضنيتني بالهجر" للشاعر اللبناني "بشارة الخوري"، يقول فيها "أضنيتني بالهجر ما أظلمك .. فارحم عسى الرحمن أن يرحمك .. مولاي َحَّكمُتكَ في ُمهجتي .. فأرفق بها يفديك من حكمك .. ما كان أحلى قبلات الهوى .. إن كنت لا تذكر فاسأل فمك .. تمر بي كأنني لم أكن .. صَدركَ أو صَدغكَ أو مِعصمكَ .. لو مر سيف بيننا لم نكن .. نعلم هل أجْرى دمي أم دَمك .. سلِ الدجى كم راقني نجمه  .. لما حكى َمبسَمُه مبسمك .. يا بدر إن واصلتني بالجفا .. ومت في شرخ الصبا مغرمك .. قل للدجى مات شهيد الوفا .. فانثر على أجفانه أنجمك". في الأبيات السابقة تجد "الأخطل الصغير" وهو يرسم صورة شعرية بكل أناقة الصورة وقوة اللغة وطرافة الأسلوب فاستحق عن جدارة لقب "أمير الشعراء" بعد "أحمد شوقي".

القصيدة الثانية بعنوان "عدت يا يوم مولدي" للشاعر المصري "كامل الشناوي"، يقول فيها "عدت يا يوم مولدي .. عدت يا أيها الشقي .. الصبا ضاع من يدي .. وغزا الشيب مفرقي .. ليت يا يوم مولدي .. كنت يوماً بلا غد .. ليت أني من الأزل .. لم أعش هذه الحياة .. عشت فيها ولم أزل .. جاهلاً أنها حياة .. أنا عمر بلا شباب .. وحياة بلا ربيع .. أنا وهم .. أنا سراب". هنا تجد فلسفة الحياة وعمق إتقان اللغة العربية ومفرداتها وتجد الصور المجازية التي جعلت أديباً مثل "عباس محمود العقاد" يقول: "الشناوي هو شاعر العصر الذي ينفرد برقة الكلمة".

في القصيدة الثالثة "يا زهرة في خيالي" للشاعر المصري "صالح جودت" يقول: "يا زهرة في خيالي .. راعيتها في فؤادي .. جنت عليها الليالي .. وأذبلتها الأيادي .. وشاغلتها العيون .. فمات سحر الجفون .. يا غرامي كل شيء ضاع مني .. فنزعت الحب من قلبي وروحي .. ووهبت العمر أوتاري ولحني .. وتغنيت فداويت جروحي .. أنا طير في ربى الفن يغني .. للطيور للزهور للغصون". تقرأ هنا كلمات هذا الشاعر الرومانسي المتجدد شاعر النيل والنخيل فتؤمن بما قاله عنه زملائه بأن قد أضاف إلى قيثارة الشعر أوتاراً حديثة عزف عليها فأجاد وأطرب.

أما ما يجمع هذه القصائد الثلاث الرائعة فهو أن الموسيقار فريد الأطرش قد لحنها وغناها فخلدها، مما يزيد من الاحترام والتقدير لهذا الفنان المبدع الذي حمل الجنسيات السورية واللبنانية والمصرية فاستحق لقب "مطرب العروبة". إن دور هذا الموسيقار القادم من جبل الدروز في تطوير الموسيقى الشرقية معروف ومشهود له، فقد وصل بالموسيقى العربية إلى مستوى عالمي الشكل والمضمون مما حدا بالمطربة الفرنسية المعروفة "مايا كازابيانكا" أن تغني أغنية "يا جميل يا جميل"، وجعل أشهر مطرب في روسيا يشدو بأغنية "يا زهرة في خيالي" وجعل الناس في النمسا يرقصون على أنغام الفالس في أغنية أسمهان الشهيرة "ليالي الأنس"، وجعل أيضاً الموسيقار العالمي "بورسيل" يعيد توزيع وعزف أغاني فريد مثل "حبيب العمر" و"نجوم الليل". كلمات القصائد الثلاث وألحان وغناء الموسيقار "فريد الأطرش" تذكرك بالمأساة التي تعيشها الموسيقى العربية حالياً. صدقوني أنني عندما أستمع إلى بعض الأغاني الشبابية الحديثة أقوم بإغلاق المذياع أو التلفاز لأنني أرفض أن تتسخ أذناي بما تسمع.