اخوة الشياطين بقلم:خالد الطيماوي
تاريخ النشر : 2020-06-06
اخوة الشياطين بقلم:خالد الطيماوي


اخوة الشياطين
خالد الطيماوي

إشتهر اليهود عبر التاريخ بقتلهم للأنبياء، فكانوا يد الشيطان وإخوته في حربه ضد الديانات الأخرى، عرفوا بالغدر والخيانة وحبّهم الشديد للمال، فامتهنوا الربا، وسيطروا على اقتصادات دول، فألّف في جشعهم وطمعهم قصص وروايات؛ أشهرها: ‘‘تاجر البندقية’’؛ التي تتكلم عن مرابي يهودي سيء، زرع في عقولهم أنهم شعب الله المختار، وأن باقي الشعوب خلقت لتكون تبعا لهم، وخدما اعتزلوا البشر، فكانت لهم أحياء خاصة داخل المدن تعزلهم عن العوام، وتعطيهم مجالا لممارسة طقوسهم وعاداتهم الاقرب للوثنية. لم يقيموا وزنا لأحد فلم يحبهم أحد.

كانت نتائج أعمالهم ومازرعوه من فتن بين الناس؛ وبالا عليهم. فقتلهم قيصر روسيا، وما حدث في ألمانيا وبولندا، مازال ماثلا في الذاكرة. فرغم ادعاء المحرقة، فإن هتلر كان يكره فساد أخلاقهم، ويعتبرهم سببا من أسباب هزيمة ألمانيا وخيانتهم لها في الحرب العالمية الاولى.

طوردوا عبر الزمن، استهدفتهم محاكم التفتيش الاسبانية والبرتغالية، فهربوا إلى آسيا وأفريقيا، وكانت أول هجرة وظهور لليهود في أمريكا، في القرن السابع عشر، حيث فرّ مجموعة منهم من البرازيل إلى أمريكا خوفا من محاكم التفتيش الاسبانية. كان المجتمع الامريكي وقتها مجتمع مهاجرين، فاستقبلهم، فامتهنوا التجارة، خاصة تجارة الرقيق، وكوّنوا ثروات، وعاشوا حياة الارستقراطيين.

ثرواتهم في أوروبا كانت ضخمة، عرف منهم العلماء والمفكرون، إلا أن عقدة الشعب المختار الذي يحيا بلا وطن كانت تلازمهم دائما، فبحكم عزلتهم كان شعور الغربة راسخا في عقولهم، وعادت للظهور أسطورة ‘‘أرض الميعاد’’.

حلمٌ قديم صعب التحقيق في ظل إمبراطورية عثمانية قوية، وشعب بدأ في الاختلاط وتكوين الثروات والاندماج بعض الشيء في مجتمعاتهم.

لذلك كان لابد من العمل بجهد لتحقيق هذا الهدف، ولن يتحقق ذلك إلا بتضييق الخناق على اليهود ثانية. كان لابد من تحقيق الهدف ولو على حساب اليهود أنفسهم.

بدأت ترتفع الأصوات ضد اليهود ثانية، ولكن بدعم من كبار اليهود الصهاينة هذه المرة، وتمكن هرتزل من الحصول على دعم مالي، وتم عقد أول مؤتمر صهيوني في بازل بسويسرا، كانت أهم نتائجه أنّ (هدف الصهيوني هو إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يضمنه القانون العام).

كان حجر العثرة المتمثل في الامبراطورية العثمانية في أنفاسه الأخيرة، ورغم عروض هرتزل للسلطان عبدالحميد الثاني، إلا أنه رفض تسليم فلسطين لليهود.

في تلك الفترة، كان العملاق الامريكي قد بدأ بالظهور، وإن لم يتدخل مباشرة في الأحداث، وكان اليهود قد حصلوا على موطيء قدم في العالم الجديد، وانتبهوا للقوة الجديدة التي بدأت بالظهور، وانتقلت الكثير من رؤوس أموالهم إليها، فالمناخ هناك كان مناسباً، فالجميع غرباء ومهاجرين هناك.

بحصول اليهود على ‘‘وعد بلفور’’ ووصول أفواج المهاجرين التي بدأت حتى قبل صدور الوعد المشؤوم بفترة، كان الحلم قد بدأ بالتحقق.

كانت حركة الهجرة ضعيفة رغم الاغراءات والفكرة المبنية على دافع ديني، لذا كان لابد من مضاعفة اسطوانة المعاداة لليهود في أوروبا تحديدا، حتى لا يجد اليهودي حلا إلا بالهجرة لفلسطين.

كانت الخطة اليهودية في أمريكا تسير خطوة خطوة، فليسطيروا على فلسطين؛ لابد من ضمان استمرار الدعم والحماية. فاليهود هم قطرة ماء وسط محيط عربي غافل، لابد أن يستيقظ يوما.

وكان واضحا للحركة الصهيونية أن الاعتماد على الدعم البريطاني لن يكون دائما، فالامبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس، فقدت أجزاء منها، والثورات في باقي الأرجاء، وحركات التحرر، والاستقلال؛ بدأت بالظهور. لذلك كان لابد من البديل. وللتحكم في هذا البديل لابد من السيطرة على مقدراته. لم تكن تلك السيطرة عسكرية، بل كانت مجالا آخر يبرع فيه اليهود، وهو: المال.
دخل اليهود السوق الامريكية بقوة، أسّسوا مصارف، وامتلكوا أكبر الشركات، وكان لهم يد في كل الشركات الأخرى، وإن لم تتغير صورة الشيطان اليهودي في الأذهان، إلا أن الخطة اليهودية لم تكن قد أغفلت هذا الجانب، وقد أظهرت بروتوكولات حكماء ما كان مخططا، حيث يقول البروتوكول رقم 12: (سنمتطي صهوة الصحافة ونكبح جماحها.. يجب أن لا يكون لاعدائنا وسائل صحفية يعبرون فيها عن أراءهم، لن يصل طرف من خبر إلى المجتمع من غير أن يمر علينا، ستكون لنا صحف شتى تؤيد الطوائف المختلفة من ارستقراطية وجمهورية وثورية وفوضوية، يجب أن نكون قادرين على تهيئة إثارة عقل الشعب عندما نريد وتهدئته، عندما نريد، يجب أن نشجع ذوي السوابق الخلقية على تولي مهام صحفية كبرى، وخاصة في الصحف المعارضة لنا، فإذا تبيّن لنا ظهور أية علامات عصيان من أي منهم، سارعنا فورا! إلى الإعلان عن مخازيه الخلقية التي نتستر عليها، وبذلك نقضي عليه ونجعله عبرة لغيره).

كان من الواضح أن الصهيونية قد انتبهت في وقت مبكر لسلاح فتاك، وهو سلاح الاعلام، وبواسطته أصبحوا الحكام الفعليين لأمريكا، وبسيطرتهم على كبرى الشركات الأمريكية والأوروبية في مختلف المجالات، أصبح لهم سيطرة فعلية على العالم، فبمالهم يدعمون من يريدون، وغيّروا صورتهم في الاعلام الغربي، وأظهروا العربي المسلم زير نساء جاهل ثري، لا هم له إلا جمع المال وحفر أبار النفط، أظهروا أنفسهم شعبا متحضرا يحاصره الهمج من كل مكان، أظهر نفسه كبقعة ضوء وسط ليل حالك.

وقد ينصدم القاريء عند معرفة أسماء الصحف والمجلات ودور النشر التي يمتلكها الصهاينة في أمريكا والعالم، ففي أمريكا يمتلك:

- صحيفة واشنطن بوست، وواشنطن تايمز، ونيويورك تايمز، شيكاغو تربيون، مجلة التايم، ونيوزويك ديلي، نيوز ديلي بوست.

- يو اس نيوز اند وورلد

- كبرى دور النشر: كدار هاري كولنز

- شركات انتاج كبرى: كتوينتث سنتوري فوكس، وغيرها.

- مجموعة ديزني، وسي بي اس، وشوتايم، وناشيونال جيوغرافيك.

- مجموعة قنوات ام بي ام.

- شبكة تايم وارنر التي تملك cnn، وغيرها من القنوات.

- وكالات أنباء: كاسوشتد برس، ويونايتد برس.

وغيرها كثير من محطات التلفاز، والصحف، والمجلات.

أما في بريطانيا فهم يملكون: رويترز، وصحيفة التايمز، وصندي تايمز، وديلي ميل. فيما يملك مجموعة من المستثمرين بينهم يهود: شبكة بي بي سي.

أما فرنسا فهم يملكون: 70 بالمئة من وسائل الاعلام فيها، على رأسها وكالة الانباء الفرنسية.

هذا إضافة إلى ما يملكونه في باقي دول أوروبا والعالم.

خلاصة القول أن الحرب في أمريكا قد انحسمت مسبقا، فالصهاينة اعتبروها ساحة معركة عملوا على كسبها في وقت كان فيه العرب مشغولون بمعارك أخرى.

ورغم وجود سفارة واحدة للصهاينة مقابل أكثر من 50 سفارة عربية وإسلامية، إلا أن للسفارة الصهيونية دورا رئيسا في الحرب هناك، إذ تعتبر مركزا ثقافيا بالدرجة الاولى، فهي تمنح الموطن الأمريكي فرصة لزيارة الأراضي المحتلة، وتعطي منحا؛ دورات لتعلم اللغة العبرية، وتنظم رحلات مدروسة مسبقا، فيما تنشغل سفاراتنا في الإعداد لاحتفالاتها الوطنية، وإضاعة الوقت في أمور لا جدوى منها، كاستثماراتنا الرهيبة التي تذهب سدىً، ولا هدف منها سوى جمع المال دون بذل مجهود لتعريف المواطن الغربي على الحضارة العربية والاسلامية التي شوهت وقدمت بصورة سيئة جدا في الإعلام الغربي.

أدرك جيدا أن لا أمل في عمل مشترك يجمع كل سفاراتنا هناك، إلا أني لا أعرف ما المانع في تقسيم هذا العمل على أجزاء مستقلة تستلم كل سفارة جزء منه تؤديه دون الرجوع لغيرها، وإن كان يكمل عمل الآخرين.

أدرك جيدا صعوبة المهمة، وإن كنت أدرك أيضا أنه لابد منها.