يا أهالي واشنطن.. ممنوع التجول
تاريخ النشر : 2020-06-06
يا أهالي واشنطن.. ممنوع التجول


يا أهالي واشنطن .. ممنوع التجول 5-6- 2020
بقلم : حمدي فراج
أعادتني قضية فرض منع التجول على واشنطن وغيرها من المدن سنوات طويلة الى الوراء ، عندما كان الاحتلال الاسرائيلي يفرض هذا الاجراء "النظام" على مخيم الدهيشة – وباقي المخيمات والمدن والقرى الفلسطينية – لأبسط الاسباب واتفهها ، جيب عسكري واحد ، يجوب شوارع المخيم ، وعبر مكبر صوت ينادي الجندي بلغة عربية مكسرة : يا أهالي دهيشة .. ممنوع تجول ، حتى ان المختار في مرة من المرات كان طلبه الى الحاكم العسكري تحسين لغة الجندي الذي يفرض المنع علينا ، فاستجيب طلبه وعينوا جنديا درزيا ذا لغة عربية سليمة لا يشوبها الا الكلمات البذيئة التي كانت تصاحب اعلان المنع حين يتلكأ البعض في الدخول الى البيت .
من كان يظن ولو في وهلة من صفاء الذهن المتوقد الذي انتاب اسحق نيوتن في لحظة اكتشاف الجاذبية لدى سقوط "التفاحة" على رأسه ، ان تخضع واشنطن ، عاصمة امريكا التي يناهز تعدادها ستة ملايين انسان الى منع التجول ؟ لا يستقيم ذلك ولا بأي حال ، ولا يمكن تحققه او تخيله حتى في ذروة الاحلام . وهو اجراء يفرضه الاعداء بعضهم على شعوب بعض لكف خطرهم او تحييد شرهم او تأجيل شررهم ، كذلك لدى السلطات والدول البوليسية والديكتاتورية ، حتى تم سنها في الدساتير و أنظمة الطواريء ، لكن ان يلجأ اليها النظام الديمقراطي الامريكي الذي يشع بالنور والحضارة والرقي والتقدم ، وعلى جماهير شعبه في عقر عاصمته الجميلة واشنطن ، لأسباب تبدو من بعيد أكثر تفاهة من اسباب منع التجول على مخيم الدهيشة ، تتعلق بقتل شخص واحد اسود البشرة مجهول ومغمور لم يسمع به أحد من قبل يدعى جورج فلويد . يقول محمد حسنين هيكل ان عدد السود الذين قتلوا في أمريكا يناهز الثلاثين مليون انسان ، بعضهم قضى خلال عمليات الشحن في السفن التي كانت تجلبهم يوميا كتجارة رائجة اكثر من بترول اليوم ، وأن بعض هذا البعض كانوا ينتحرون وخاصة النساء منهم ويلقين بأنفسهن في قعر البحار و غياهب المحيطات ، وأن الموردين والمقاولين كانوا يحصلوا على نسبة مئوية من المجلوبين بدلا من المال ، فيباع في اسواق العرض والطلب ووفقا لمواصفات المادة المعروضة كالعمر والقوة الجسدية والعضلات والخلو من الامراض او العاهات .
لم يتوقف ذلك تحت رقعة شمس هذا العالم ، لا هناك ولا هنا ، ما زالت الامم المتحدة تحذر من تجارة البشر التي كانت مقتصرة على لون بشرتنا ، فاصبحت تطول الفقراء في كل مكان ، حتى ان بعض الدول في شرق آسيا الفقيرة اصبحت معروفة كمادة مسجلة انها تصدر بناتها كخادمات لكل دول العالم ، خاصة دول الخليج ، وهناك يتم معاملتهن على ما هو أسوأ من معاملة العبيد ، وكاد الخليفة ابو بكر البغدادي ان يشرعن بيع نسائنا في اسواق نخاسته - لو نجح - بدعم من امريكا ، مئة سنة اخرى .