ارتحل سريعاً .. بقلم أزهر اللويزي
ارتحل سريعاً كعادته شهر رمضان المبارك الذي تزكو فيه النفوس وتسمو الأرواح ، وتُقال فيه العثرات وتكثر الأرباح ، وتتغيّر نواميس الكون ويُختم بالأفراح .
في شهر رمضان يرتفع منسوب التقوى ، فترى عيناً تقرأ القرآن وأخرى تفيض من الدمع ، وأيدٍ باذلة وألسن ذاكرة وقلوب خاشعة .
على بعد أمتار هناك شياطين مُصفّدة ، وشر مدحور وخير متدفّق كالسيل ، واجساد قائمة بالليل ، وكلها صور مشرقة ومضيئة في شهر كله إنتصارات وفتوحات وقرب ونفحات .
وإذا دخل شهر شوال تغيّر المشهد ولم تعد الصورة مشرقة كالسابق ، ومن هنا آن لنا أن نضع أنفسنا في زاوية ضيّقة ، ونطرح عليها سؤالاً بالغ الأهمية : هل أنا عبد لله تعالى أم عبد لرمضان ؟
يأتي الردُّ صادماً وواضحاً : مَن كان يعبد رمضان فإنّه شهر وينقضي ، ومن كان يعبد الله فإنه حيٌّ لا يموت ، فكن ربّانيّاً لا رمضانيّاً ؟!
الراسخون في الطاعة شعارهم واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ، أما الطارئون عليها فيعبدون الله على حرف !
وللإستقامة بعد رمضان ، يعتمد مقياسها على التوفيق في إغتنامه ، والأثر الذي يخرج منه الإنسان ، فكلّما زاد الأثر الطيب ارتفعت المنزلة ، قال تعالى : " وقُل ربِّ أنزلني مُنزلاً مُباركاً وأنت خير المُنزلين " . 29_المؤمنون
ولكي تحافظ على تألق أنوارك فيما بعده ، يتطلّب منك مواجهة نفسك بصدق ومصارحتها ، وضبط مسارها وشحن رصيدها بالخير ، فإنَّ القليل الدائم منه ، خير من الكثير المنقطع .
استقم على طاعة الله دوماً واستعن به على طول الوقت ، ليثبّتك على طريق الخير ، فحاجتك إليه كحاجة الغريق إلى الحياة ، والخيبة كل الخيبة لمن ضلَّ الطريق وهوى !
ومسك الختام : شهر رمضان سوق دخله كل الناس ، بمختلف همهم ووعيهم ، وقد ربح فيه الفائزون وخسر فيه الخاسرون ، وطويت صفحته إلى يوم القيامة ، وها نحن الآن في صفحة ما بعده !
ارتحل سريعاً بقلم: أزهر اللويزي
تاريخ النشر : 2020-06-06