مابين افرازات مابعد حادثتي البوعزيزي وفلويد بقلم:عماد علي
تاريخ النشر : 2020-06-05
مابين افرازات مابعد حادثتي البوعزيزي وفلويد بقلم:عماد علي


يبدو ان الثورة التي حدثت في العالم العربي مابعد حرق محمد البوعزيزي لنفسه في مدينة سيدي بوزيد التونسية كانت نتجية التراكمات الكبيرة للاعتراضات وما نتج نتيجة الكبت المزمن جراء الظلم وما اقترفته الايدي الدكتاتورية ومن ثم انتشرت كالنار في الهشيم نظرا لتشابه الواقع العربي الى حد كبير من حيث السطلة وظروف الشعوب السياسية والاقتصادية والثقافية والاقتصادية ونظرة الفرد الى الحياة وثقافته الخاصة وو توجهاته وما فرض نفسه  عليه عقلا وفكرا واخلاقا ونشأة  من حيث المعيشة  والتربية سواء من قبل العائلة او الشارع وما فيه.

اما ما نراه اليوم, اي مابعد مقتل جورج فلويد في مدينة مينابولس الامريكية لم يكن حادثا عرضيا  وفرديا بحتا كما يحلو للبعض تسميته بل هو ايضا نتيجة للتراكمات العقلية والنظرة الى الاخر اي من قبل الامريكي الابيض ونظرته الى الاسود كفرد او مجتمع او من قبل فئة معينة لاخرى مختلفة عنه . ربما الفرق الكبير بين الحادثتين الشرقية والغربية هو في الارضية التي حدثت فيها, اي الواقع والزمن والظروف السياسية الاجتماعية مع ما هو عليه النظام هناك وما كان عليه هنا ونظرة المجتمع الى سلطتهم والروابط التي تربطهم, اضافة الى التشابه النسبي في مستوى المعيشة بين الشريحة الكادحة في البقعتين ومدى اختلافهما من حيث العقلية واللذان يؤديان بالفعل الى الحصول على النتيجة المختلفة.

النظام هناك الى حد ما ديموقراطي وفي نسبة من الحرية التي يمكن ان تتحمل جدل واسع من حيث حقيقتها او ما فرض ما يمكننا ان نسميه المظهريات في الفعل المقصود وبشكليات تبان وكانها المفهوم الذي يروج له بينما تفرض السياسة المقضودة من قبل دائرة ضيقة وهي التي تحكم العالم وليس الولايات المتحدة وحدها فقط، اي ان الديموقراطية التي تمر في الغرف الخاصة وتوجه ويلعب بها بمن يضمن بها مصلحته هناك مع الدكتاتورية هنا والتي تنعدم ما يمكن ان نسميه غرفة الطبخ السياسي نتيجة خضوعه لمن فيها هناك او ما يُقرر لمن هو موجود هناك وليس هناك ايضا, اي هو من يفرض نفسه في القرارات ويقف بعيدا ومخفيا عن الجميع.

الاحتجاجات التي يمكن ان نسميها ثورة الزنج العصرية مع من يشاركهم من البيض ان صح التعبير, مع الاختلاف لما حدث من قبل ابان التحرر والتطور الذي حصل وتاثيرات التقادم على واقع الحال. فيمكن ان يتوقع اي منا اخماد ما يحصل هناك في النهاية نتيجة ما يفرزه الواقع هناك وما تفرضه اللعبة التي تدار من قبل المخفين  ويفرضون ما يريدون على اللاعين ويمكن توجيه المنتوج لمسارات يخططها هؤلاء الجشعين في الغرف المظلمة.

تحدث الكثيرون عن ثورة اليسار وما يشبهها على ما يحصل في امريكا دون ان ياخذوا بنظر الاعتبار ماهي المرحلة عليه والارضية التي لم تتمخض فيها ما يُظهر لنا بانها نهاية المطاف او بداية ما تحدث عنه ماركس في نظريته وما نسميه من حفر القبر المنتظرمن قبل الراسمالية نفسها. انها مقدمات لبيان الظلم والجشع المرادف للنظام الراسمالي او ما يفرزه بشكل طبيعي ان اختصرنا ما يحصل.

حدثت تغييرات مختلفة الشكل والمحتوى فيما بعد ثورة ما تسمى بالربيع العربي ولازالت افرازاتها مستمرة ولم تستقر الحال لهذه اللحظة.

 تبرز لدينا الاسئلة التي يمكن البحث عن اجوبتها لبيان ما يمكن ان نتوقعه او نستدله ونستقراه لمابعد ما يحصل في دولة راس الراسمالية العالمية، ومنها:

هل تؤدي الاحتجاجات والخشونة التي تحصل ال ىتغيير داخلي في امريكا وبدورها يمكن ان تؤثر لدرجة واخرى على العالم؟

هل تخمد الاحتجاجات ويمكن ان تكون سببا لما يمكن ان نعتبره تراجعا او خطوة للوراء فيما ينتظر من تقدم سير الراسمالية العالمية؟

هل توثر على الديموقراطية الامريكية وطبيعة الحرية الموجودة ام الانسانية وصلت الى حال يمكن ان تدفع الراسمالية المصلحية الى الخضوع لما تفرضه حياة الكادحين؟

هل ما يعد الاحتجاجات تختلف ولو جزئيا عما قبلها من حيث الوضع السياسي والاقتصادي ان دعنا مؤثرات ما يخلفه فايروس كورونا على كافة الدول ومنها امريكا في هذه المرحلة ايضا؟

هل طبيعة  ما يحدث يمكن ان تشابه ما تسمى ثورة الربيع العربي ولكن بسلمية وتقدم نحو الامام وليس كما حصل هنا نتيجة لما لاقته من المعوقات الكبيرة ؟

هل نحن امام انعطافة عالمية بعد كورونا وما حدث في امريكا معه؟  وهل انها المرحلة المنتظرة ولكن بمواصفات مغايرة لما انتظرناها او توقعناها من مما يمكن ان يحدث لحياة الناس  كام فهمناه في النظريات الماركسية حول التسلسل المرحلي للتغييرات والتنقل نحو ما لا يدع اي احتمال للتراجع؟

اما ما حدث في هذه المنطقة لما بعد ما سميت ثورة الربيع العربي يمكن ان نقارنها لما قبلها ونسال حولها ما يلي ايضا:

هل كانت بداية للتغييرات ولكن الواقع الاجتماعي السياسي لم يكن مهيئا ليتقبل التغييرات نتيجة الدوغمائية والاسلام السياسي المسيطر؟

هل بات مفتاح التغييرات في جعبة من لم يكن اهلا له واما دفنوه او غيروا مساره ما حدث به واستغلوه لهدف خبيث وغير ملائم للعصر؟

هل يمكن ان نعتبر ما حدث انعطافة وشوّه مسارها ولم يتقبلها المتشبثون بالافكار والعقائد الجمودية ؟

و اخيرا يمكن ان نسال فيما له العلاقة مابين الحتدثين سوية:

هل يمكن ان يتلاقى الحادثان اللذان يسميان ثورة هنا واحتجاجا هناك واللذان بدءآ بشرارتين مختلفتين في الشكل ومتشابهتين في المحتوى والعامل الفعال فيهما هو الواقع المزري للطبقة الكادحة؟

يمكن ان ننتظر  لمدة قصيرة جدا كي نلمس الواقع المتغير وعندئذ يمكن ان نقيّم الحال ونجد انفسنا في اية مرحلة ووصلنا الى اي واقع ونصل الى اي مرحلة فيما بعد ومتى وكيف تكون هذه المرحلة من كافة الجوانب.