على ماذا يراهن نتنياهو؟ بقلم د. مصطفى البرغوثي
تاريخ النشر : 2020-06-05
على ماذا يراهن نتنياهو؟ بقلم د. مصطفى البرغوثي


ما من شك في أن ما يخطط نتنياهو وحكومته لتنفيذه في بداية شهر تموز من ضم وتهويد لمعظم أراضي الضفة الغربية، هو أخطر تحد يواجه الشعب الفلسطيني منذ وقوع النكبة قبل إثنين وسبعين عاما.

ورغم معرفة نتنياهو الأكيدة لما تمثله هذه المخططات من خرق فج، واضح، ووقح للقانون الدولي، وما تعنيه من تكريس لنظام أبرتهايد وتمييز عنصري هو الأسوأ في تاريخ البشرية، إلا أنه يمعن في تصريحاته التي تؤكد نواياه، ولا يخفى أبدا أهدافه، بما في ذلك تصريحه بأنه سيضم الأرض دون سكانها، مما يعني بالإضافة إلى تكريس منظومة الأبرتهايد، أنه يخطط أيضا لتطهير عرقي جديد.

ولا يُعير نتنياهو انتباها للاحتجاجات الدولية والعربية، ولا للرفض الفلسطيني المطلق لمخططاته.

وكي نستطيع أن نواجه مخطط نتنياهو لا بد أن نفهم على ماذا يراهن؟

إنه يراهن أولا على الدعم الأمريكي المطلق لمخططاته تحت عنوان صفقة القرن.

ويراهن على أن يقتصر رد الفعل الدولي، بما في ذلك الأوروبي، على بيانات الإدانة والاستنكار والاحتجاج، دون أن يرتقى إلى مستوى فرض العقوبات السياسية والاقتصادية أو حتى التلويح بها.

ويراهن على ضعف الوضع العربي، وانشغال العرب بصراعاتهم الإقليمية، وعلى استعداد أطراف خارجة على القيم العربية والإسلامية والإنسانية، للتطبيع معه.

ويراهن على أن غالبية اليهود الإسرائيليين يؤيدون مخططات الضم والتهويد، بما في ذلك الصهاينة الجالسون داخل حكومته، وأولئك الجالسون خارجها في مقاعد المعارضة.

ويراهن على أن وقف التنسيق الأمني والتحلل من الاتفاقيات الذي أعلنته السلطة الفلسطينية سيكون جزئياً، أو مؤقتاً، أو عابراً.

ويراهن على أن العالم والعرب والفلسطينيين سيبتلعون جريمة الضم الكبرى،   ويتعايشوا مع الواقع الجديد.

غير أن أكثر ما يراهن عليه نتنياهو هو استمرار الانقسام الداخلي الفلسطيني، الذي يعطل قدرة الفلسطينيين على وضع وتنفيذ إستراتيجية موحدة، بقيادة موحدة، تستطيع أن تغير توازن القوى المختل لصالح إسرائيل.

ومن المؤكد أن معظم ردود الأفعال العربية والدولية تعتمد إلى حد كبير على شدة رد الفعل الفلسطيني، بما في ذلك فرص فرض العقوبات والمقاطعة على إسرائيل وإلغاء الاتفاقيات معها، بما يردع نتنياهو ويجبره على التراجع.

ولا شيء سيؤثر فورا في المحيط العربي والدولي وفي إسرائيل نفسها، مثل لقاء كافة القادة الفلسطينيين وإعلانهم إنهاء الانقسام وتشكيل قيادة وطنية موحدة في مواجهة المخطط الإسرائيلي.

لم يبق شيء ذو قيمة من الاتفاقيات الإسرائيلية – الفلسطينية  السابقة، أو من المراهنة على مفاوضات مع حكومة إسرائيل، ولا توجد في معادلات القوة القائمة حاليا أي فرصة أو فائدة للقاء الرباعية، أو لمؤتمر دولي للسلام، فهذه جميعها أدوات لمرحلة إنتهت، وقبرتها صفقة القرن وقرار إسرائيل المباشرة بالضم والتهويد.

الوقت ينفذ بسرعة، والأمر الذي نملكه بأيدينا، ولا يستطيع أحد سلبه منا، هو إنهاء الانقسام فورا، وتوحيد كل القوى، وإعلان خطة جماعية لمقاومة مخطط نتنياهو، ومطالبة العرب والعالم بفرض العقوبات والمقاطعة عليه.
الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية