القانون الدولي ملجأ المدنيين وقت الحرب بقلم: د. حنا عيسى
تاريخ النشر : 2020-06-03
القانون الدولي ملجأ المدنيين وقت الحرب بقلم: د. حنا عيسى


القانون الدولي ملجأ المدنيين وقت الحرب
بقلم: د. حنا عيسى
أستاذ القانون الدولي

"إن القوانين التي تلجم الأفواه و تحطم الأقلام تهدم نفسها بنفسها"

 (سبينوزا)

القانون الدولي الإنساني:

هو مجموعة القواعد الدولية الموضوعة بمقتضى معاهدات أو أعراف، والمخصصة بالتحديد لحل المشاكل ذات الصفة الإنسانية الناجمة مباشرة عن المنازعات المسلحة الدولية أو غير الدولية، والتي تحد – لاعتبارات إنسانية- من حق أطراف النزاع في اللجوء إلى ما يختارونه من أساليب أو وسائل للقتال، وتحمي الأشخاص والممتلكات...( وفق تعريف اللجنة الدولية للصليب الأحمر)، وهو أحد فروع القانون الدولي العام، وهو مجموعة من القواعد الدولية، العرفية والمكتوبة، التي تهدف إلى حماية المحاربين والمدنيين أثناء النزاعات المسلحة، لاعتبارات إنسانية، وصيانة الأموال التي ليس لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية. ويهدف الى حماية الأشخاص الذين يعانون من ويلات الحرب.

والقانون الدولي مصطلح حديث الاستخدام، أصبح مألوفاً وشائعاً بعد أن تم تضمينه في عنوان المؤتمر الدبلوماسي المنعقد في جنيف في الفترة ما بين 1974و 1977، ومنذ ذلك الحين أصبح استخدام مصطلح القانون الدولي الإنساني شائعاً في المؤلفات الفقهية والمحافل والمؤتمرات الدولية، وكذلك في اطار عمل ونشاط المحاكم الدولية. بحيث تتوخى قواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني التقليل من المعاناة التي قد تلحق بضحايا النزاعات المسلحة من العسكريين العاجزين عن القتال والأشخاص الذين لا يشتركون في العمليات العدائية، ويقعون تحت سيطرة العدو، سواء أكانوا مدنيين أم جرحى حرب ام مرضى أم غرقى أم أسرى، وكذلك ترشيد استخدام القوة والعنف أثناء النزاعات المسلحة، بما يفضي إلى حماية ورعاية الأشخاص غير المشاركين في العمليات العسكرية، وأولئك الذين القوا أسلحتهم وأصبحوا بالتالي عاجزين عن المشاركة في الأعمال الحربية. وينطبق هذا الأمر على طرف النزاع الذي يخوض حرباً دفاعية، حيث يجب أن تنحصر مهمة قواته المقاتلة على إضعاف قوة المعتدي وإخضاع مقاومته، ولا يجوز له التمادي في استخدام القوة، ويحرم استخدام ما لا تبيحه ضرورات المعركة من أسلحة، كما ينبغي تجنب ضرب الأشخاص الذين لا يشاركون في العمليات العسكرية كالمدنيين والجرحى والمرضى، كما يحظر ضرب الأماكن والأهداف غير المعدة لأغراض عسكرية، كالأهداف المدنية، والبنية التحتية المدنية، والمراكز التاريخية والأثرية والثقافية.

ويتكون هذا القانون من:

·       معاهدات لاهاي 1899 ،1907 وتهدف إلى وضع قيود على سير العمليات العسكرية وسلوك المتحاربين.

·       معاهدات جنيف منذ اتفاقية 1864 حتى صدور اتفاقيات جنيف الأربعة في العام 1949 والبرتوكولان الإضافيان لعام 1977 ، والتي جاءت لحماية ضحايا النزاعات المسلحة من جرحى ومرضى وحماية الممتلكات والأعيان المدنية، حيث شكلت هذه الاتفاقيات منظومة قانونية مترابطة العناصر، غاياتها الحد من آثار الحروب وإقرار شكل من أشكال التوازن بين "الضرورات الحربية " و"الاعتبارات الإنسانية".

·       الأعراف الدولية المتمثلة بالسلوك المتكرر للدول أثناء الحرب والاحتلال العسكري، والتي احتوت قواعد لاهاي ومعاهدات جنيف على كثير منها.

·       الصكوك الأساسية للقانون الدولي الإنساني:-

·       إعلان سان بترسبورغ لعام 1868 لحظر القذائف المتفجرة.

·       إعلان لاهاي لعام 1899 حول قذائف "دم دم" والغازات الخانقة واتفاقيات لاهاي الأخرى.

·       اتفاقيات لاهاي لعام 1907.

·       اتفاقية جنيف الأولى لعام 1949، بشأن تحسين حالة الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان.

·       اتفاقية جنيف الثانية لعام 1949 بشأن تحسين حالة الجرحى والمرضى والغرقى من أفراد القوات المسلحة في البحار.

·       اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 بشأن أسرى الحرب.


·       اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب.


·       البروتوكول الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف والمتعلقة بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية.

·       البروتوكول الثاني لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف والمتعلقة بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية.

·       اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1980 بشأن حظر أو تقييد بعض الأسلحة التقليدية.

والأشخاص المحميون بموجب نصوص القانون الدولي الإنساني أثناء النزاعات المسلحة هم:

-        الجرحى والمرضى من القوات المسلحة في الميدان.

-        الغرقى والجرحى والمرضى من القوات المسلحة في البحار.

-        أسرى الحرب.

-        المدنيون.

المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني:

1.   مبدأ التمييز: يعتبر مبدأ التمييز حجر الأساس في البرتوكولين الإضافيين، ويتطلب هذا المبدأ من أطراف النزاع المسلح التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية ومراعاة هذا المبدأ لا غنى عنه لكفالة حماية المدنيين حيث يحظر البرتوكولان القيام بما يلي:

-        لا يجوز أن يكون السكان المدنيين هدًفا للهجوم.

-        تظاهر المقاتلون بمظهر المدنيين.

-        الهجمات العشوائية.

-        ارتكاب أعمال الخطف الرامية أساساً إلى بث الذعر بين السكان وتهديدهم.

-        تدمير الأعيان والمواد التي لاغنى عنها لبقاء المدنيين.

-        الهجوم على دور العبادة وتدمير الآثار.

2.   مبدأ الضرورة الحربية: الضرورة الحربية عرفها فقهاء القانون الدولي بأنها "الحالة التي تكون ملحة إلى درجة لا تترك وقًتا كافياً من قبل الأطراف المتحاربة لاختيار الوسائل المستخدمة في أعمالها العسكرية الفورية"، أو هي الأحوال التي تظهر أثناء الحرب وتفرض حال قيامها ارتكاب أفعال معينة على وجه السرعة بسبب موقف ما وبسبب الظروف الاستثنائية الناشئة لحظتها. واتفق الفقه والقضاء الدوليين على أن الضرورة العسكرية محكومة ومقيدة بعدة شروط قانونية وهي:

-        ارتباط قيام هذه الحالة بسير العمليات الحربية خلال مراحل القتال بين المتحاربين أو لحظة الاشتباك المسلح، ولذلك لا يمكن الادعاء بتوافر الضرورة الحربية في حالة الهدوء وتوقف القتال.

-        الطبيعة المؤقتة للضرورة الحربية والغير دائمة وهي بالنظر لطابعها الاستثنائي ليس أكثر من حالة واقعية تبدأ ببداية الفعل وتنتهي بنهايته وزواله.