الادب العربي الحديث وموائمة التغيير :
لابد من القول إن الأدب العربي الحديث لم يكن في كثير من الأحيان موائما للتغيرات الداخلية أو متناغما مع الظروف الخاصة التي تمّر بها البيئات العربي المحلية وان ما نجده اليوم ونحن عند نهايات القرن العشرين الذي تبلورت فيه مدارس أدبية عالمية ، أو مذاهب متعددة ومتنوعة في آداب الشعوب لم تواكبها طبيعة جميع فنون الأدب العربي الحديث ، نتيجة اهتمام العرب منذ القدم في فن أدبي معين على حساب فن أدبي أخر !
وعلى الرغم من انبثاق القوالب النثرية والتيارات الفنية المستحدثة في الأدب العربي الحديث ناهيكم عن وجود علل عدة ، أبرزها : حالات التفاعل غير الجادة أو المكتملة بين الأديب وتلك " الحالات " ، ومنها : واقعه الاجتماعي ، والسلطات السياسية ، والإيديولوجيات الفكرية ، والثقافات المتعددة ، قوية ونامية ، وصدمات الحضارة وأخيرًا ، المواريث والتواريخ.
وعندما نتحدث عن فن الرواية التاريخية The Historical Novel ،كمثال علينا أن نفصلها كفن أدبي قائم بذاته عن بقية الفنون الأدبية ذات العلاقة معها كالمسرحية التاريخية والسيرة التاريخية ، والحكاية التاريخية ، والمقامة الأدبية ، والرواية السياسية والاجتماعية ،وعن كتابة المذكرات والبايوجرافيات الشخصية ، وعن القص التاريخي وعن أدب العجائب وأدب الأساطير الخ .. مع معرفتنا بطبيعة الحال أن فن الرواية يمتد ليشمل إلى جانب موضوع : الرواية التاريخية ، الروايات : التعليمية والإصلاحية والعاطفية والعلمية والمغامرات والبوليسية والخيالية الخ ..
ولكن لو استخدمنا مفهوم فورستر وغيره من النقاد المعاصرين ، لأمكننا تقسيم فن الرواية إلى نوعين متمايزين اثنين ، هما : الرواية التاريخية ، والرواية الفنية على الرغم من استعارة الأولى التكنيك الروائي عن الثانية ، واستعارة الثانية ـ في بعض الأحيان ـ صورًا وإشكالاً وموضوعات عن الأولى !
دعونا نبتعد قليلا عن عرض ما للموضوع من أهمية بشكل عام ، ولكنني أود التركيز ـ هنا ـ على نقطتين أساسيتين تتعلق إحداهما بالأخرى:
أولاهما : أهمية وجود أكثر من حلقة بحثية تعالج موضوعا حيويا يشترك فيه المؤرخ والناقد والروائي معا ، وعلى حد علمي المتواضع ، فان ليس هناك أية معالجات حوارية مشتركة بين جماعة من المختصين النقاد والمؤرخين وبين جماعة من الروائيين الأدباء المبدعين من أجل أغناء وإثراء النقطة الأساسية الأخرى المتمثلة بـ : ثانيهما : حاجة المجتمع العربي المعاصر والأجيال القادمة إلى منتج عربي رائع وأصيل ورصين في فن الرواية التاريخية العربية يمكنه أن يسهم بقسط مهما بلغ حجمه في الصغر قراءة ، ومهما بلغ تأثيره من الكبر سواء في إحالته إلى المتلقي بشكل سمعي أو مرئي عبر أجهزة الاتصالات الثقافية والإعلامية الحديثة فهو يسهم إذا ، إسهامًا حقيقيا في تطوير المجتمع العربي ومختلف عناصره ووسائله والياته ناهيكم عن خدمة المبدعين العرب من الأدباء والفنانين والمثقفين والمفكرين اهدافه وغايات أبنائه النبيلة التي عجز عن تحقيقها الكثير من الزعماء والساسة والمنظرين والمؤدلجين ومن تبعهم من الشعراء والإعلاميين والكتاب السياسيين الإنشائيين التي لم تفض كتاباتهم إلى شيء ذي بال أو معنى !
الأدب العربي الحديث وموائمة التغيير بقلم: د.يسري عبد الغني
تاريخ النشر : 2020-06-02