ثانوية طارق ابن زياد : مؤسسة تكوين النخبة الأمازيغية في المجالين العسكري و المدني
تاريخ النشر : 2020-05-31
ثانوية طارق ابن زياد : مؤسسة تكوين النخبة الأمازيغية في المجالين العسكري و المدني


ثانوية طارق ابن زياد : مؤسسة تكوين  النخبة  الأمازيغية في  المجالين  العسكري و المدني

ذ/ خليل البخاري  

 
   
تناولنا  في  الاعداد   السابقة  مؤسسات  تعليمية  عريقة  و هي  ثانوية  الخوارزمي بالدارالبيضاء  و ثانوية  مولاي  اسماعيل  بمكناس  و ثانوية  عمر بن  عبد  العزيز بوجدة  . و في  هذا  العدد  الرابع  سنحط  الرحال بمنطقة  الأطلس  المتوسط  رمز  المقاومة  المسلحة و الكفاح  الوطني  ضد  المستعمر  الغاشم في هذه  المنطقة  تقع  ثانوية  طارق ابن زياد (  collège  berbère    ) سابقا

إن  النبش  في ذاكرة  ثانوية  طارق  ابن  زياد هو  يمثابة  بعث  الحياة  في شرايينها و تعريف  بجذور  هذه  الثانوية  العريقة . و يبقى  هدفنا من  هذا  النبش  هو  استخلاص  العبر و الاعتبار  لهذه  المؤسسة  التعليمية و لمدينة  آزرو و كذلك  دعوة  لشباب  المدينة  و أطرها  و كل من مر بها  الى الاطلاع  على  منجزات و عطاءات  أسلافهم و بالتالي  لدعم  تطور و تنمية  المجتمع  المحلي و الوطني  على السواء .

لقد  تأسست  الثانوية  البربرية  le  collège berbère    سنة 1927 و يصادف  هذا  التاريخ  بيعة  الملك  الشاب  محمد بن يوسف  و هو في  سن  16 من عمره و كذلك  تداعيات  معركة  انوال  الشهيرة  في  الريف و نفي  بطل  الريف  محمد  بن  عبد  الكريم  الخطابي و كانت  هذه  الثانوية  وقتئذ  بمثابة رمزا  للاستعمار  الفرنسي و السياسة  الاستعمارية  العنصرية . و لم يكن  المستعمر  الفرنسي  يظن  بأن  هذه  الثانوية  ستتحول  الى مشتل و معقل  لرموز  الحركة  الوطنية  و مدرسة  لتكوين  الوطنيين .و قد  لعبت  الثانوية  البربرية  دورا  جوهريا  في احباط  مرامي و اهداف  السياسة  الاستعمارية ، و في  اذكاء  حب  الوطن و  القيم  النبيلة و النصال  الوطني  في صفوف  التلاميذ  في  القسمين  الداخلي  و الخارجي و ذلك  عبر  كل  مراحل  الكفاح  من مقاومة  مسلحة و نضال سياسي و عمليات فدائية  إلى غاية  نيل  الاستقلال  سنة 1956 .

لقد ركزت  أهداف  المستعمر  على  تعليم و تكوين  أبناء  أعيان  الأمازيغ  بالثانوية  البربرية   التي  احتضنتها  مدينة  آزرو ، و تمكينهم من ولوج  المدرسة  العسكرية  بمكناس و تكوين أطر إدارية أمازيغية  تعوض  الأطر  العربية . و اختيار  المستعمر  هذه  المدينة  لكونها  تحتل  موقعا  استراتيجيا  وملتقى  الطرق  الوطنية  و كذلك  لمواجهة  هذه  المقاومة  المسلحة  بالأطلس  المتوسط ... و كان وراء  هذا  الاختيار  الجنرال  الفرنسي Freydenberg   و هو  المسؤول  عن  تدبير  شؤون  جهة  مكناس و ذلك  لنهج و تطبيق  السياسة  البربرية .

و بخصوص  اسم  الثانوية  البربرية  فالهدف  منه  هو  تكريس  مبدأ  ( فرق  تسد )  أي  التمييز  السلبي  الذي  يكرس  العصبية  القبلية و تشتيت  مكونات  المجتمع  المغربي  و تكسير  الروابط  بين فئاته . فالمستعمر  الفرنسي  عندما  قرر  بناء  الثانوية  البربرية  استحضر  البعد  المعماري  فوضع  تصميما  للثانوية  على شكل  b   باللغة  الفرنسية .

لقد  استقبلت  الثانوية  البربرية  جميع  التلاميذ   الأمازيغ  من جميع مناطق  الأطلس  المتوسط :  قبائل زمور ، كروان  ،  أيت مكيلد ، زيان  ، أيت عياش  ، أيت صغروشن ، مرموشة ، أيت أوراين  ... و قد  كانت  بالمؤسسة  التعليمية  ثلاث  شعب  مهنية :

-         شعبة بيداغوجية  مهمتها  اعداد  المعلمين  الأمازيغ

-         شعبة فلاحية  مختصة في  الفلاحية و تربية  الماشية و البستنة

-         شعبة  حرفية  تختص  في  الفحم و الخشب .

و  الخاصية  المميزة  لكوليج  آزرو  هو  دعم  اللغة  الفرنسية و تقوية  التكوين  في  التربية  البدنية  لتوجيه  المتخرجين  الأمازيغ  نحو  المدرسة  العسكرية  بمكناس و كذلك  تمكين  أبناء  الاعيان  من  تكوين  في  الادارة  لتعويض  أبنائهم .

و للالتحاق بالثانوية  البربرية  كان  المستعمر  يضع  شروطا  على الأمازيغ  نذكر من  بينها  إرتداء  الزي  التقليدي  الأمازيغي  من  سلهام و جلباب و عمامة و سروال فضفاض  و بلغة و  كذلك  حلاقة  الشعر  في كل شهر .

لقد  بلغ  عدد  التلاميذ  بكوليج  أزرو  بين 230 و 245 موزعين  بين  150 و 170  بالقسم  الخارجي و بين 70  و 75  داخليون  أجانب  بآزرو  من بينهم  حوالي  انصف  من  ابناء  النخبة  القروية . و في ما يلي  تطور  عدد  التلاميذ  بين  1936 و 1939 و كذلك بين 1940 و 1944

الموسم  الدراسي عدد  التلاميذ
1936-1937 50
1937-1938 60
1938-1939 73
1939-1940 88
1940-1941 62
1941-1942 64
1942-1943 64
1943-1944 68

و بخصوص  الأصل  الاجتماعي  لتلاميذ  كوليج آزرو فالجدول  الآتي  يوضح بجلاء  وجود  عدد  مهم  من  التلاميذ  يمثلون  أعيان  مدينة  آزرو  :  القواد و  الشيوخ  و آخرون

الأصل  الاجتماعي  للآباء عدد  التلاميذ النسبة  المئوية
الطبقة  المهمشة 1633 80.6
القايد 120 5.9
الباشا 10 0.5
الشيخ 55 1.7
الضابط 1 0.0
العسكري 23 1.1
الأعيان 100 9.2
الخليفة 14 0.7
الفقيه 1 0.0

تمثل  سنة  1942  محطة  تاريخية  متميزة  في  تاريخ   كوليج  آزرو  حيث  انعقد  و لأول  مرة   الجمع  التأسيسي  لجمعية  قدماء  التلاميذ .

و تشكل  مكتب  الجمعية  من  الأعضاء الآتية  أسمائهم  كالتالي :

-         عبد  الحميد  بن  مولاي  حمد  الزموري : رئيسا (  معلم بكوليج  آزرو  )

-         مولاي  أحمد  بن  الحسين  نائبه

-         عبد  الله بن عمر  الرحماني  كاتب  عام  ( معلم بإفران )

-         عبد  الرحمان  نايت لحو  أمين  المال  (  مؤسس  فرع  حزب  الاستقلال  بآزرو و تاجر بنفس  المدينة )

-         العربي بن  القايد  -  علي  العياشي  - عمر بن ناصر بن و زكري – التبر يوسف – محمد بن  القايد  أمقور : مستشارون .

لقد  كان  هدف  الجمعية  هو  نسج  علاقات  حميمية  بين  أعضائها و تأسيس  روابط  التعاون و التضامن إضافة  الى  تحسين  ظروف  العمل بكوليج  آزرو  و مساعدة  التلاميذ  الفقراء  في دراستهم و قد ضمت   الجمعية  في صفوفها  أعضاء  نشيطين  و محسنين و رؤساء شرفيين .

لقد  انخرطت  جمعية  قدماء  التلاميذ  في  العمل السياسي و قرر مكتبها  مواصلة  الكفاح ضمن  التنظيمات  السياسية . كما  اسس  لجنة  تسمى :  لجنة  الأطلس مهمتها  مناقشة  مختلف   الأسئلة   المرتبطة  بالمقاومة  المغربية و قد فشلت  السلطات  الاستعمارية  في محاولتها  الرامية  الى تقسيم   الجمعية .  و لعبت  الجمعية  دورا مصيريا  في  الحياة  الادارية و السياسية  بالمغرب و تمكنت  من  استقطاب  بعض  الفرنسيين  من  اجل   الترقيع  على رسالة  يطالبون فيها بضرورة  عودة  السلطان  الشرعي محمد بن يوسف  الى  الوطن .

و للتذكير  فقد ساهمت  شخصيات  مهمة  في جمعية قدماء  التلاميذ  في  النضال  الوطني  أمثال :  الماعوني ،  بن عيسى ، حاجيبي  ، براد عسو ( ابن موحا ا وحمو  الزياني )... غير  ان ما ميز   نضال  تلاميذ كوليج  آزرو  هو  يوم 5 فبراير  1944  تاريخ  الاعلان  عن تنظيم اضراب  تخليدا  لذكرى  استشهاد  جنود  بمنطقة  تابدوت  و توجيه  رسالة قوية  المضامين  الى مدير   كوليج آزرو  جاء فيها  ما يلي : 

« Tu es  venu  à Azrou  par  un autocar  et  si tu  continues ton  mouchardage , tu retourneras  à Rabat  dans  un  corbillard . »

 و كانت  ردود  فعل  الادارة  الاستعمارية قوية و عنيفة  حيث  قام  المستعمر باغلاق  كوليج  آزرو  لمدة  سنة و  تغيير مديرها  بكولونيل  عسكري ، و توقيف  العديد  من  التلاميذ نذكر من بينهم  : التاديلي  محمد بن حدو ،  العياشي  مولود ،  دويري  الحبيب بن حمو ، حسن بن محمد الزموري ، شفيق محمد بن علي ، المكي  كرماغ ... و تم حرمانهم  من متابعة  الدراسة و ارسال  آخرين  الى التجنيد  الاجباري .

و بخصوص  النخب  المدنية و العسكرية  التي مرت  بثانوية  آزرو  نذكر  : محمد أوفقير  ، ادريس  بن عمر، حمو اوعقا  الزياني ، الكولونيل  اعبابو ، ادريس بن عيسى ، عدي اوبيهي ، محجوب احرضان  ( عامل سابق بالرباط  و مؤسس  الحركة  الشعبية ) . الطاهر اوعسو  عامل سابق بآسفي  ،محمد حساني  عامل سابق  بالدارالبيضاء بن امسيك ، لحسن العلام  عامل سابق بافران . كما تخرجت من هذه  الثانوية  نخبة متميزة  في عديد من الادارات  العمومية نذكر من  بينهم  حسن  الزموري ، لحسن  اليوسي ، محمد شفيق ( مدير  بالثانوية  الملكية بالرباط و الحركة الامازيغية بالمغرب  ، و مؤلف  قاموس عربي آمازيغي ) ، الطاهر اوعسو ، بوعزة ايكن (  في  العدل ) ...

المراجع  المعتمدة :

-         بحث  للأستاذ  سليمان  جابري
-         Le  collège d’Azrou : Mohamed Benhlal
-         معطيات  قدمها  لنا  الاستاذ  الطايعي  محمد  مكلف  بالانشطة  بثانوية  طارق ابن زياد