وداعا يا كوفيد - 19 هل تعلمنا درساً؟ بقلم:أحمد محمود سعيد
تاريخ النشر : 2020-05-30
وداعا يا كوفيد - 19 هل تعلمنا درساً؟ بقلم:أحمد محمود سعيد


وداعا يا كوفيد - 19 هل تعلمنا درساً؟؟

قد يكون اول درس يجب أن نعيه هو أنّ قدرة الله لا غالب لها ويجب أن نكون مُقتنعين بذلك وليس مداراة أو مجاملة لأحد إنما إيمانا كاملا بإته لا يوجد قدرة تفوق قدرة الله تعالى مهما تباهى الإنسان بمقدرته بالعلم ام الصناعة ام الفضاء أم أيِّ معرفة مهما كانت وان نكون مقتنعين من الداخل وبإيمان عميق بإمكانيّة هذه القدرة الإلهيّة أن تُغيِّر الكون والحياة بأبسط الأشياء والمخلوقات والظواهر مهما كانت بسيطة وبدون أيِّ جُهد أو دون أن يلحظها مخلوق على هذه الأرض .

قال تعالى﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ صدق الله العظيم

وقال تعالى (وَأَوْحَىَ رَبّكَ إِلَىَ النّحْلِ أَنِ اتّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشّجَرِ وَمِمّا يَعْرِشُونَ،ثُمّ كُلِي مِن كُلّ الثّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنّاسِ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ) صدق الله العظيم

ومن الدروس كذلك أنّ الحياة لنا هي هبة من الله تعالى لعباده الناس لكي يعيشوا ويعتاشوا منها وأن أقدارهم وأرزاقهم هي بإرادة الله وحال يأتي أمره تعالى تذهب إليه الأرواح صاغرة مهما كان عمرها وجنسها ولونها وحالتها وما تملكه من حطام الدنيا تذهب الى خالقها دون ان تحمل شيئ في كفنها او مع ذاتها سوى عملها وما قدّمته من إحسان وعمل صالح وتترك ما دون ذلك من مال وجاه وممتلكات وذهب وغير ذلك من متاع الدنيا في هذه الدنيا مودِّعا لها مغادرا للآخرة الأجمل والأحلى .

قال تعالى ( يا بنيّ إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها اللّه ) صدق الله العظيم

وكما أنّ من الدروس التي تعلّمناها أنّ هذه الحياة الفانية لا تساوي ذرّة من تراب وأنّ أيّ شيئ سلبناه من الغير سيكون وبالا علينا في الآخرة كما انّ أيِّ حذاقة بذلناها لكي نسلب حقّ غيرنا سواء كان مالا او منصبا اوجاها لا يساوي شيئا بل قد يكون حملا ثقيلا علينا ونحن نغادر هذه الدنيا الفانية .

 صدق الله العظيم(وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)قال تعالى

وأعظم الذنوب في تلك الحياة الدنيا هي إغضاب أحد الوالدين أو كلاهما حتّى ولو بكلمة أوفِّ ولذلك على المرء أن يُسارع إلى رضاهما بأيِّ شكل .

قال تعالى(إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) صدق الله العظيم .

والدرس الآخر الذي تعلمناه ان لا نخشى أحدا إلاّ الله فمهما كان شأن الفرد أو الدولة عظيما في هذه الدنيا أو كبيرا طيلة الزمن فهو لا يساوي شيئا عند الخالق وعليه يجب أن نتيقّن أنّ مسرى نبينا محمدا عليه الصلاة والسلام وأنّ مكان وارض الأنبياء عيسى وموسى وداوود وإبراهيم وغيرهم لا يمكن أن تبقى مغتصبة فإنها ارض مباركة ويبقى الله حاميها من الظلم والإغتصاب مهما طال الزمن

قال تعالى ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) صدق الله العظيم

وكذلك علّمتنا الظروف المقترنة بذلك الوباء كيف نهتم بنظافة انفسنا لنحافظ على الصحّة التي وهبنا الله إيّاها سليمة معافاة في نفس الوقت الذي نحافظ على الموارد التي وهبنا الله إيّاها لتكون لنا عونا في حياتنا وسعادتنا على هذه الأرض .وكشاهد على دور الاديان في الحفاظ على البيئة ومكتسباتها، وعلى كون الابتعاد عن الدين احد ابرز اسباب التدهور البيئي ، كتب نائب الرئيس الاميركي والسناتور السابق ال غور ، كتابا عنوانه (الأرض في الميزان) وفي هذا الكتاب خصص فصلا كاملا عن الاديان ودورها في حماية البيئة, وقد هدف هذا الكتاب إلى البحث عن السبل والوسائل الكفيلة بإعادة الحفاظ على توازن البيئة وحماية عناصرها المختلفة من ماء وهواء وتربة, واشار ال غور  إلى انه من بين الوسائل المرشحة والمؤهلة للقيام بهذا الدور هي الاستفادة من التعاليم الدينية والارشادات الروحانية التي تتمتع بها جميع الاديان السماوية بالنسبة لحماية البيئة وصيانة مواردها والتي جاء الرئيس الأمريكي ترمب ليلغي الوعود والمعاهدات التي وقّعها سلفه اوباما حول التغيُّر المناخي وغيرها .

قال تعالى(وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنّاتٌ مّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىَ بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضّلُ بَعْضَهَا عَلَىَ بَعْضٍ فِي الاُكُلِ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) صدق الله العظيم .

كذلك علمتنا هذه الجائحة اننا كشعوب في العالم الثالث يجب أن نأخذ حذرنا ونحطاط لأيّ حالات طارئة تهم المجتمع من تربية وتعليم وصحّة وإكتفاء ذاتي من طعام ومزروعات وغيرها من أمور وإحتياجات لتعزيز التنمية المستدامة في مجتمعاتنا  ونحافظ على مواردنا لمواجهة أولئك الذين نهبوا البلاد وإستفادوا من خيراته والذين وقفوا معه في محنته هم الذين كانوا مع الله ونيّتهم صافية لحب أوطانهم ومساعدة شعوبهم فيزيد الله من أرزاقهم .

قال تعالى(سَنُرِيهِمۡ آيَاتِنَا فِى الۡآفَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمۡ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ الۡحَقُّ أَوَلَمۡ يَكۡفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىۡءٍ شَهِيدٌ) صدق الله العظيم .

هذه بعض الدروس التي يجب ان نتعلمها ونعيها من هذه الجائحة التي إجتاحت الكرة الأرضيّة بما حمله هذا الوباء من مصائب وما سبّبه من ضحايا ومصابين وخسائر ماديّة وإقتصاديّة وتراجع في التنمية المستدامة للعالم جميعه .

نرجو الله ان يكون آخر عهدنا بهذا الوباء وان يحفظ بلدنا من كل شر يا الله .
أحمد محمود سعيد
عمّان – الأردن
28/5/2020