ضائعة في العالم بقلم شذى العابودي
تاريخ النشر : 2020-05-28
كنتُ أظنُ أنَّ أكبرَ خوفٍ قد تواجهه فتاةٌ مثلي مليئةٌ بالثقوب هو أن تتسربَ من بيني خيوطُ وحشٍ كنتُ قد آمنتُ بوجوده كجمرةٍ عالقةٍ بين ضلوعي تزدادُ اشتعالاً كلَّما ازداد الظلام ، طفلةٌ كهذه - لم تستطعْ أن تواجه حقيقة أنَّ السماء بعيدةٌ بعضَ الشيء و أن النجوم لم تكن يومًا قطعة سكر - تستحقُ أن أرمي بها في رحم قوقعةٍ عتيقة رغم يقيني المطلق بأنّها لن تصفحَ عني ولو بعدَ حين .. إلا أنني كنتُ أخشى عليها من خوفٍ أكبر ، أشدُّ تعقيداً من الانتظار ، و أكثرَ إيلامًا من أن يُقطع بها حبلُ الأرجوحة ، الخوف من أن تجلسَ وحيدةً بينما لا تريدُ أن تُترك ، من أن يمر بها و من خلالها كل شيء و تعلقُ هي في جوف الأثر ، من أن يبقى سطرُ الإجابة فارغًا عندما يراودها السؤال على مقعدٍ شاغر ، سؤال الخطيْن المتوازيين القريبين كثيراً و البعيدين أكثر ، الخوف أيضاً من أن تستبدل الوداع بلقاءٍ جديد ، من أن يعيد القدرُ ترتيب الأوراق بطريقةٍ عشوائية فتجدُ نفسها في معادلةٍ صفرية لا تؤمن بتعدد الأطراف .حسناً، أعترف الآن بأنّها اعتادتْ على الخوف ، على سقفِ القوقعة ، و أنّها باتتْ تخشى الخروج بحنجرةٍ مشوهة إلّا أن وقعَ الانطفاء بدا لي أكثر رعبًا ، ساكنًا ، هادئًا .. يشبه الفراغ في أول ليالي الغربة! ، إنني الآن أضطر للمواجهة مرةً أخرى ، مواجهة احتمال أن لا أعود أنا مرةً أُخرى!.

كان الأمر يقبعُ في داخلي منذ الصّغر!.
, كتاااابتييي شذى العابودي