حنظلة يحلم بقلم فرج الجطيلاوي
تاريخ النشر : 2020-05-28
قصة قصيرة:حكايات حنظلة التاورغي : حنظلة يحلم

أنا حنظلة التاورغي وبوصلتي دائما نحو القدس، غير أن احلامي تكسرت على شواطئ المدن المهانة. صارت تنتابني حمى لا اقوى على خفض حرارتها من جسدي الذي مزقته السهام ، كما أن فمي تورم من مضغ أشواك نخيل تاورغاء الذي ارغمني العثمانيون الجدد على ابتلاعها.
في لحظة من لحظات الزمن الرتيبة وكنت أتابع على مضض الفمم المكية الثلاثة عبر فضائية "الحدث العربية"بأحد مقاهي وسط طرابلس الذي كنت أنزح إليه بين الفينة وألأخرى حينما يشتد القصف على مخيمنا في منطقة "الفلاح" . شاهدت ألأستقبالات الرسمية والبروتوكولات الركيكة لرؤساء وملوك وسلاطين قطعان العرب والمسلمين. انهكتني هذه المشاهد . غمرني الله بسكينة فأخذ ني سبات عميق، خضت زمن من الفرح والإنتشاء وحضيت بمرافقة الجيوش العربية من بلاد الحجاز وهي تحاصر فلسطين المحتلة، وترغم جنود ألإحتلال على ألإستسلام ، لم يتوقف هذا الفرح، بل أمتدت إلى عرس في طرابلس يتعانق فيه الليبيون فيما يطل الشهيد معمر القذافي من السرايا الحمراء وهو يلوح للمحتفلين براية خضراء وبجانبه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وفي عناق حار مع الشهيد صدام المجيد. كما وجدتني ارفع صورة أمي التي أغتيلت في أحد شوارع طرابلس وأولح بها على الحدود السورية العراقية . كما حظيت بتصفح وجوه المقاومين الصامدين في جنوب لبنان واصدح وسطهم بصوت عال "أن معمر القذافي بريء من دم سماحة الشيخ موسى الصدر" كما برأ الله الذئب من دم النبي يوسف. غير أني تسمرت مذهولا أمام مشهد العناق الودود بين سيدنا عمر بن الخطاب والقائد صلاح الدين ألأيوبي وسط بيت المقدس يحيط بهما اطفال شعب الجبارين ورمز الجبارين أبو عمار يتقدمهم حنظلة ناجي العلي وقد كشف عن وجه مبتهجا ملوحا بيديه اللتين كانتا مكتوفتين ورأه طيلة عقود ، ثم عانقني مهنئا بزفافي أنا حنظلة التاورغي على فتاة شقراء من قرية النبي صا لح ،وكنت أوناولها الرطب الخضراوي ، وقد أنغرست في ذراعي اليمنى شوكة من نخيل تاورغاء المتشابك مما أ قتلعني من هذه ا للحظات التاريخية المبهجة لأصحو على صوت مفزع يندد باحلامي. 9-4- 2019

فرج الجطيلاوي