سورية...وضغوط الإرهاب الاقتصادي بقلم:د. خيام الزعبي
تاريخ النشر : 2020-05-28
سورية...وضغوط الإرهاب الاقتصادي بقلم:د. خيام الزعبي


في جعبة الشرق الأوسط، هناك أولاً، حرب ذات امتداد دولي تشارك بها قوى كبرى تبدل سياساتها حسب أولوياتها ومصالحها بالعنف والإجرام، والكثير من عناصر المال والسلاح الموظفة في الحرب تدفعها إما صراعات بالوكالة بين القوى الكبرى والقوى الإقليمية أو تدخلات عسكرية مباشرة لبعض هذه القوى، وثانياً الإرهاب الاقتصادي الذي يعد من اخطر التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي في الآونة الأخيرة والراهنة والذي أصبح يهدد السلام العالمي أجمع .مع تطور النظام الاقتصادي، وسهولة عمليات تحرك الأموال، أصبح من أهم العوائق ما يتعلق بوضع ضوابط لمكافحة تمويل الإرهاب، إذ يواجه الاقتصاد العالمي مخاطر خفية تتصل بتيسير حركة المال وإزالة كل أشكال الرقابة عنها، حتى أصبحت سريعة، ومن هنا استفادت التنظيمات الإرهابية من تلك التطورات الاقتصادية وأصبحت التعبئة والتجنيد تقوم عن طريق شبكة مصالح وتحالفات دولية مرتبطة بالجماعات الإرهابية، بالإضافة إلى وضع برامج للتدريب على الإرهاب عبر الإنترنت، فعلى سبيل المثال استفادت بعض التنظيمات الإرهابية من النظام التكنولوجي وشبكات الخدمات المالية عبر الإنترنت مثل عملة “بيت كوين bit coin ” ، وهي عملة افتراضية وضعها البعض على الإنترنت كوسيلة للتداول على السلع، واعتمدت بعض المواقع هذه العملة الافتراضية، ووضعت لها قواعد للمقاصة بينها وبين العملات الأخرى ، وهناك تجارة الفوركس التي لها دور كبير في غسيل الأموال، وتمويل هذه التجمعاتوفي المقابل توسع مفهوم وممارسة الإرهاب لدى الحلف المعتدي على سورية، الداعم للإرهاب الدولي وعلى رأسه الإدارة الأمريكية التي لم تعد تكتفي بدعم المجموعات الإرهابية والانفصالية في سورية أو غيرها من الدول التي تقاوم السياسات التدخلية والعدوانية الأمريكية بل باتت تعتمد الإرهاب الاقتصادي والصحي والسياسي لتحقيق مصالحها الخاصة من خلال فرض العقوبات الاقتصادية على سورية وتشديد الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب التي خرقت كل المواثيق والأعراف الدولية ذات الصلة، وانتهكت حقوق دولة ذات سيادة، فكان حصار لقمة المواطن السوري قبل أي شي آخر، بالإضافة إلى إعاقة القدرة على توفير الحاجات الأساسية ومواجهة وباء كورونا في سورية، وبالتالي إضعاف قدرة القطاع الطبي العام والخاص في سورية على استيراد الأدوية والمواد الطبية بسبب استهداف هذه الإجراءات الصارمة للقطاع المصرفي السوري وخاصة في مجال التحويلات المصرفية الأجنبية إلى جانب تأثيرها على قدرة القطاعات الاقتصادية الرئيسية على أداء مهامها بفعالية ولا سيما في مجال الخدمات المصرفية والصناعة والاتصالات والتجارة الداخلية والخارجية.كما تتعدد أوجه الإرهاب الاقتصادي التي تحاول أميركا إتباعه وذلك  من خلال الحرائق المفتعلة التي تطول حقول المزارعين وخاصة القمح والشعير في منطقة الجزيرة، فالقمح محصول استراتيجي اعتمدت عليه سورية بتأمين اكتفائها الذاتي، ولجوء المحتل الأميركي وأدواته لحرق هذا المحصول وغيره، هو لحرمان السوريين من منتجاتهم الزراعية، وبالتالي منع الدولة السورية من كسر أحد جوانب الحصار الاقتصادي، وكل ذلك يدل على حجم الانحطاط الأخلاقي والإنساني لأمريكا وأدواتها ومحاولة يائسة للتعويض عن هزائم مخططاتها العدوانية في سورية، فهذه السياسة لم ولن تجدي نفعاً في سورية التي صمدت طوال هذه السنوات من الحرب الإرهابية الظالمة.بالرغم من  الحصار الذي انعكس على تراجع معدلات النمو، وارتفاع مستوى البطالة، فقد صمد الاقتصاد السوري لكونه اقتصاد منتج ومتنوع ، والأهم من ذلك، أن اللبنة الاقتصادية السورية، هي لبنة صخرية تقوم على أساسات اقتصادية متينة، استطاعت سورية أن تجذِّرها أكثر على مدى سنوات الحرب الكونية ، من خلال تحالفاتها الاقتصادية مع أصدقاءها، وبشكل رئيسي مع إيران وروسيا.ختاماً….الإرهاب الاقتصادي هو أخطر من الإرهاب العسكري لأنه لا يستهدف الجيوش وإنما يستهدف شعوب الدول التي يستهدفها هذا الإرهاب، وما تفعله أمريكا اليوم لا يعدو كونه محاولة مستميتة لتحقيق أي مكسب سياسي أو اقتصادي أمام الرأي الأمريكي، إلا أن هذه الغيمة السوداء ستزول عاجلا أو آجلا وسترتد عقوباتها عليها وعلى الدول التي وقفت إلى جانبها،وتخطئ أمريكا إذا راهنت كثيرا على ما أسمته “هدوء الساحة العربية” فستأتي اللحظة القريبة لتنفجر فيها كل هذه الفرضيات، لأنه لا يمكن لشعب جائع له الحق في الحياة الكريمة، أن يسكت طويلا على هذا الحال.