بين الوعي والثقافة بقلم:د.يسري عبد الغني
تاريخ النشر : 2020-05-27
بين الوعي و الثقافة بقلم / د . يسري عبد الغني 

الوعي كما يقول علماء اللغة العربية هو: حفظ القلب للشيء. ونقول : وعى الشيء والحديث يعيه وعياً وأوعاه: أي حفظه وفهمه. وفلان أوعى من فلان أي أحفظ وأفهم. وفي الحديث: نضّر الله امرأً سمع مقالتي ووعاها. أي فهمها. وفي حديث أبي أُمامه: لا يعذّب الله قلباً وعى القرآن. قال ابن الأثير: أي عقله إيماناً به وعملاً، فأما من حفظ ألفاظه وضيع حدوده فإنه غير واعٍ له . وإنما سمي الإناء إناءً لأنه يحفظ ما يوضع فيه.
وجاء في القرآن الكريم الحديث الكثير عن أخبار الأمم السالفة، وكيف كان مصيرهم إلى الدمار، بسبب انحرافهم عن منهج الله وفسادهم الاجتماعي. حيث يشير إلى أن هذه الأخبار والمعلومات التاريخية ليست للتسلية أو للترف الفكري، وإنما المقصود منها حصول الوعي بفهم سنن الحياة وقوانين التاريخ، وجاء التعبير عن ذلك بالأذن الواعية لأن السمع هو نافذة الإنسانية على أخبار التاريخ الماضي غالباً، وهي مجرد جهاز توصيل، والفهم والإدراك يتم فيما وراء الأذن حيث قلب الإنسان وفكره، هو الوعاء الذي تجتمع فيه المعلومات وتختمر لتتحول إلى فكرة ورؤية واستنتاج.
أما الثقافة لغةً : فهي من ثَقِفَ الشيء أي حذقه وفهمه. ورجل ثَقِفْ أي حاذق الفهم. وقال ابن السُكّيت: رجل ثَقْف لَقْف إذا كان ضابطاً لما يحويه قائماً به. ويقال: ثَقِفَ الشيء وهو سرعة التعلم. وقال ابن دريد: ثَقِفْتُ الشيء: حذقتُه، وثقفته إذا ظفرت به.
واصطلاحاً : للثقافة تعريفات كثيرة تزيد على مئة تعريف ليس هنا مجال سردها ، إلا أن أشهرها تعريف "تايلر" عالم الأنثروبولوجيا البريطاني، والذي عرّف الثقافة بأنها: ذلك الكل المركب من المعلومات والمعتقدات والفنون والأخلاق والعادات والتقاليد التي يكتسبها الإنسان بصفته عضواً في المجتمع .
وعليه فالوعي والثقافة، هما مصطلحان على علاقة وثيقة بالإنسان ولا سيما في الجانب الاجتماعي لشخصيته، فالوعي ينمو طولاً وعرضاً وفق تفاعل الإنسان مع من حوله من الأفراد والجماعات، ومع مدى معرفته بطبيعة الأشياء التي تحيطه وتفاعله معها.
وما يميز وعي الفرد الذاتي هو معرفته بقدراته على اتخاذ أي قرار، حيث إنّ أغلب أفكار الناس هي حصيلة تقدمهم في إنتاج كل ما هو محسوس.
نعود لنقول لك : تعتبر الثقافة كلمة عريقة جداً في اللغة العربية بما في معانيها من منطق، ورزانة، وصقل للشخصية، والنفس، والفطنة، والشخص المثقف هو الذي يعلم نفسه أموراً جديدة باستمرار، وتستخدم كلمة الثقافة في هذا العصر لتدل على رقيّ فكريّ وأدبيّ واجتماعي للجماعات والأفراد.
فالثقافة نظريّة في السلوك تساعدنا على خط حياتنا بالشكل اللائق، وتستخدم كلمة الثقافة أيضاً لتدل على الذوق المتميز في الفن والعلوم الإنسانية بما يُعرف بالثقافة ذات المستوى العالي
إن مفهوم الوعي الثقافي الوعي والثقافة مصطلحان مرنان يرتبطان بطبيعة الإنسان الاجتماعية وتطورها ونشاطاته الإبداعية والعلمية منذ الأزل، فالوعي يتطور بممارسة الإنسان لحياته الاجتماعية وطريقة تفاعله مع من حوله من الأفراد ومدى معرفته وتعامله مع طبيعة الأشياء التي تحيطه .
وما يميز وعي الفرد الذاتيّ هو قدرته على اتخاذ أي قرار، ومعرفته في سلوكه الخاص والعام، حيث إنّ أغلب أفكار الناس هي نتاج تقدمهم في إنتاج كل ما هو ماديّ، فإنّ هناك صراع قائم بين الوجود الاجتماعي والوعي الاجتماعي حيث إنّ الوجود ماديّ والوعي فكريّ.