الشخصية القوية والسلوك السليم بقلم:د. سعيد السعودي
تاريخ النشر : 2020-05-27
الشخصية القوية والسلوك السليم بقلم:د. سعيد السعودي


من الممكن لنا وصف النواحي الإيجابية لشخصيتنا وسلوكنا, ولكن معظمنا يجد من الأسهل أن يسلط الضوء على السمات السلبية في سلوكيات الآخرين أكثر من أن يتحدث عن السلوكيات السلبية لنفسة . وسؤالنا هل تعتقد أنك أمين وعادل في حكمك على الآخرين ؟ وهل تعتقد أنك تمتلك صفات سلوكية إيجابيه تزيد عن أقرانك ؟ لابد أن نعلم أن الله خلق الإنسان وخلق لكل واحد شخصيته وأنماطه السلوكية الخاصة به ولم يخلق كل البشر بنفس الشخصية أو بنفس الصفات السلوكية فللشخصية أنماط سلوكية متعددة , وقبل أن ننخرط في الحديث عن السلوك البشري , لابد أن نتطرق إلى الشخصية وهي كل الصفات والخصائص الموروثة والمكتسبة التي يتميز بها كل شخص عن الآخر. كما وصفت الشخصية بأنّها حصيلة قوى الفرد الداخلية والتي تتفاعل بدورها مع القوى والعوامل والمؤثرات الخارجية, وهي مجموعة من التفضيلات المحفورة داخل العقل ولأن الكائن البشري عنده القدرة للانخراط في أفكاره المدروسة إن كانت سلبية أو إيجابية , كما تعتبر الشخصية المكون الأساسي والرئيسي للعمق النفسي والذي ينمو ويتفاعل بشكل مستمر خلال جميع مراحل الإنسان الحياتية ، والسلوك الإنساني هو جزء من التركيبة الشخصية للإنسان ، وتختلف هذه التركيبة من شخص لآخر , فبعضها يلفها العنف والغرور واللامبالاة أو الخوف والقلق الدائم من المستقبل وكلها سلوكيات سلبية كما من الممكن أن يلفها السلوك الإيجابي من الطيبة والتسامح والهدوء و المحبة وهى سلوكيات مبنية في الشخصية الإنسانية فتجد منها الإيجابية ومنها السلبية ومن خلال الملاحظة نجد أنه لا يوجد إنسان يخلو من واحدة من هذه الصفات , والكثير من الناس يعتقد أنه ليس من السهل تغير السلوك الشخصي عند الإنسان لأنه محفور في العقل ولربما تعتقد أنك كبرت على ذلك التغير وهذا من الأخطاء الشائعة بين البشر , فالتجارب العلمية أثبتت أن الإنسان عنده القدرة على التغير في تفكيره و سلوكه وهناك عوامل مهمة للتغير , من أهمها المكان والزمان والظروف المحيطة فإن العيش في بيئة معينة يجعل الإنسان يتحمل أعباء البيئة المذكورة وهذا يجسد السلوك المنوط به وفي حال تغير هذا المكان إلى مكان آخر تجد أن السلوك يتغير في البيئة الجديدة و الفارق بين البشر هو الوقت الزمني الذي يستغرقه التغير فمنهم من يتم تغيره بعد أيام أو شهور أو سنين ولكن التغير حاصل لا محال , فالسلوك الذي تعيبه على الآخرين في مكان ما ربما يكون لك طبيعيا في مكان آخر أو في بيئةٍ أخرى كذلك الوقت لربما وأنت شاب تنظر إلي سلوك معين بالسلبية وبعد وقت من العمر تجد أن تفكيرك تغير و أصبح أكثر نضوجا فأصبح السلوك إيجابيا ونحن هنا لا نتكلم عن الثوابت في الشخصية من الاعتقادات الدينية أو الاعتقادات الوطنية , فلا يكون التغير السلوكي للشخصية بتغير المبادئ الدينية أو المبادئ الوطنية فهي ثوابت , ولكننا نتكلم على السلوك الإنساني المحفور في العقل ويتحكم به ، يقول الله تعالى " ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾ [فاطر: 32].
قبل أن تحكم على سلوك الآخرين من الأفضل أن تحكم على سلوكك وتعالج الخلل فيه وقبل أن تعارض سلوك الأخرين في منطقة أو بلد معين يجب أن تعيش نفس الظروف ومن ثم أُحكم على نفسك وسلوكك . وقبل أن تنتقد الآخرين بما فيهم من سلبيات فعليك أولاً ان تكون نزيهاً مع نفسك و انقد ما فيك من العيوب , ويوم أن تشعر أنك كاملا , فابدأ بنقد الأخرين ، ولا مانع من النقد البناء بلطف ومحبة ليستجيب المستمع إليك فلكل منا سلوكيات إيجابية وسلوكيات سلبية , فابحث عن ما هو إيجابي وعززه وعالج ما هو سلبي , وفى حال اكتمل شعور الإيجابية في عقلك وتفكيرك عالج السلوك السلبي للآخرين وللعلم إذا ما فكرت بمعالجة سلوك الشخص السلبي و أنت تحمل سلوكيات سلبية مشابهة فاعلم أنك تحمل في تركيبتك النفسية حالة من الاضطراب , ولابد من معالجتها فالشخصية أفكار محفورة في العقل كما أسلفنا والسلوك هو كل حركة قولية أو فعلية تصدر من الإنسان نفسه أو تكون رد فعل لموقف معين. فالسلوك تصور انطباعي متغير فلنحافظ على شخصيتنا الإيجابية ونضبط سلوكنا الإيجابي مع الآخرين لنكون قدوة لمن حولنا ونستطيع التغير.