ظاهرة الغوغائية وغياب الاختصاص في مجتمعنا بقلم: ثائر الهريني
تاريخ النشر : 2020-05-27
ظاهرة الغوغائية وغياب الاختصاص في مجتمعنا بقلم: ثائر الهريني


 ظاهرة الغوغائية وغياب الاختصاص في مجتمعنا     

مما لاشك فيه أن الأزمات والنوازل تبرز حجم ونوعية  فقه الوعي لدى أفراد المجتمع في الإدارة الذاتية لتلك النازلة للخروج منها بأقل الأثمان, وذلك الفقه هو المؤشر الذي يبين مدى رقي المجتمع في تعاطيه مع أحداث الأزمة من بين مثيلاته من المجتمعات .

ففي سلوك مجتمعنا في ظل جائحة كورونا  طفت ظاهرة  (مجتمع أبو العريف )  ؛ ففي ثناياه  الكل مختص بعلم غيره بل ومبدع في تحليلاته وتنبؤاته   , فقد ترى السياسي يبدع في طرح فتاوى ومن الممكن أن يبت في قضايا الخلع , وربما تسمع  أن رجل القانون يحدثك بتحليلات المال والأعمال وكأنه مراقب مالي في إحدى الأسواق المالية العالمية ,ولا يفاجئك أن منهم مختص في الدراسات المستقبلية  , ومن العجب العجاب  أن الشريحة الأكبر من مجتمعنا  تحولوا إلى  علماء أوبئة بين ليلة وضحاها فأصبحوا نوابغ في الفيروسات وسلوكها وتطور مراحلها , ناهيك عن الإفتاء في التحريم والتجريم , فلا تضجر إن رأيت الفرد في هذا المجتمع هو ابن سيناء في الطب و اينشتاين في الفيزياء و مصطفى محمود في الفلسفة  و ادوارد سعيد في التنظير  .

ففيه يفقد كل مختص اختصاصه ويتيه العارف بمعرفته وتطغى الغوغائية والفوضى فلا جهد يستثمر ولا سعي يشكر وتنزع صفة المجتمع ليحل محلها التكديس البشري  مفرغ من وزنه النوعي  خالي من قيم ومفاهيم التعاون والمشاركة  عدو المبادر ومحبط الناجح ومثبط الطامح .

"فحبل نجاتنا في احترام مبدأ الاختلاف يخلق التكامل وحرية خصوصية المختص "

فالغايات التي تمثلنا والرؤية التي توحدنا لا يمكن أن تتحقق إلا بكفاءة تكامل الأدوار بين جميع الأفراد بمختلف المستويات والمكونات  ويمكن أن يتحقق ذلك بان يؤدي كل فرد منا عمله وفق علمه ومعرفته بعيدا عن تقمص الآراء وتبني التحليلات وان لا نطلق الأبواق لخلط المفاهيم وتبيانها بالصورة السطحية التي لا تعبر عن جوهرها ولا تمثل اهتماماتنا واختصاصنا , ومن هذا المنطلق نحتاج إليك أيها الخبير المختص في الشأن القانوني لتكون لنا ركنا رشيدا في تساؤلاتنا  ونريدك أيها الطبيب المختص لتكون لنا مرجعا في استفساراتنا ونعقد العزم عليك أيها المعلم  في تنشئة أبنائنا وتعليمهم بما يعود بالنفعين العام والخاص ونحتاج كل مختص عارف عالم متميز في علمه ملما فيه  تماما كالنحل في الاختصاص وكالنمل في الجهد والكفاح  لنكون مؤثرين جيدين لرقي مجتمع أفضل .

الأستاذ ثائر الهريني