لا وقت للأوهام بقلم: د. عامر جنداوي
تاريخ النشر : 2020-05-22
لا وقت للأوهام بقلم: د. عامر جنداوي


أزْمعْتُ أجمعُ للرّحيل مَتاعي
وصدى الفِراقِ يخزّ قلبَ نُخاعي

الشّمْسُ مالت للغروبِ حزينةً
لا مرحبًا إذ حانَ وقتُ وداعِ

هَزَلت يدٌ، وترنّحت قرطاسةٌ
والحبرُ ينضبُ من وريدِ يراعي

لا وقتَ للأوهامِ تفردُ ريشَـها
فرْزُ الحقيقةِ من صميمِ طباعي

مَرّ الرّبيعُ وما ظَننْتُهُ راجعًا
نرجو وما نيلُ الهوى بمُطاعِ

نشقى ونرغبُ في الحياة تشبّثًا
والموتُ لا يبغيه قلبُ شُجاعِ

العمرُ يركضُ والنّفوسُ نواهلٌ
والأذنُ صُمَّتْ، لاتَ وقتَ سماعِ

دُنيا ارتدَتْ ثوبَ النّفاقِ وزِيفَهُ
نشرَتْ بذورَ الإفكِ في الأصقاعِ

ورمَتْ شِباكَ المَكرِ كي تصطادَني
فَعَصى عليها في الخنا إيقاعي

ضبطَتْ على نبضي مقامَ غنائها
لكنْ جفا عن عزفِها إيقاعي

فيها الحريصُ إذا الضّيوفُ توافدوا
هجَرَ المجالسَ وابْتُلي بهُلاعِ

وبها الكرامُ إذا استغاثَ مُرَوَّعٌ
هَبّوا لنجدتهِ هُبوبَ سِباعِ

تجري بنا الأيّامُ جرْيَ فريسةٍ
فرّت يُطاردُها قطيعُ ضباعِ

كم ذا مَشَيتُ على الدّموع وبَسْمتي
طوقُ النّجاةِ إذا ركبْتُ شِراعي

لكنّ مِجدافي تكسّرَ زندُهُ
فَرميتُه في البحرِ بعدَ صراعِ

مِنْ بَعْد ما روحي تبخّرَ عطرُها
وخبا سِراجٌ واستكانَ دفاعي

أيقنْتُ أنّ مواسمَ الجَنْيِ انقضَت
والتّلُ يُقعي عند كَعبِ القاعِ

فجمعْتُ أوراقي وختمَ قصائدي
وجلسْتُ بعضَ الوقت معْ أوجاعي

حمّلتها بَعضي وديعةَ راحلٍ
أوفى وعاشَ العمرَ دون قناعِ

شيّدْتُ رُكنًا لا يُطالُ جنابُهُ
بيتًا من الأخلاق فوق يَفاعِ

يَحكي لأجيالٍ ستأتي بعدنا
أنّي بنيتُ من الخصالِ قلاعي

عَلّي لأبنائي وفيتُ بعهدهم
وخضبْتُ من حُلوِ الرّضاب رِقاعي

لأظلَّ حُلمًا كلّما مَرّوا بِهِ
ضَحِكوا رِضًا وتذكّروا إبداعي