#كل_يوم_كتاب.. الوتر المشدود؛ بكر ابو بكر
بقلم مهند طلال الاخرس

كتاب الوتر المشدود (ابناء فتح بين الفكر والتنظيم والسياسة) لبكر ابو بكر وهو كتاب من القطع المتوسط يقع على متن ٢٣٠ صفحة وهو من اصدارات دار الامين للنشر والتوزيع في رام الله ٢٠١٩.

الكتاب يرمي حجرا في الماء الراكد ويدق جدار الصمت في حركة فتح، فالكتاب هو لسان حال الكاتب وجمهرة كثيرة في فتح، وقد تكون احدى ميزات الكتاب والكاتب طبعا، انه من القلة القليلة في فتح التي تولي جانب التنظير للفكر الفتحوي الاصيل والحداثي كثير من الاهمية، وهي اهمية عهدناها في صاحبنا ابو بكر، فهو عالي الهمة وسامي الفكرة، ولا يقبل لحركته العظيمة الاهتزاز او الانحسار والانكسار.

هذا الكتاب يمثل ذلك الصوت المجروح في فتح، لكنه الصوت المحب المنضبط المتعالي على الجراح والمتصالح مع نفسه والمنسجم مع ذاته ومع سلوكاياته، فلا يرجو اطراء او مكانا، بقدر رجائه ان تبقى فتح حركة طليعية رائدة تسير بثبات نحو تحقيق اهداف شعبها بالحرية والاستقلال والعودة.

عند استعراض كل تلك العناوين الفرعية التي يتناولها الكتاب، يكون بكر ابو بكر قد وضع يده على كثير من مواطن الجرح، ويكون ايضا نجح في تشخيص كثير من مواطن الخلل، وهو بهذا يقترب من القلوب والعقول الفتحاوية اكثر فأكثر، لماذا، لان صاحبنا بإنتقائه لهذه العناوين فهو يضع كل منا امام مسؤولياته، ويحث الجميع على التغيير والتطوير والابداع والفكر الخلاق ضمن الاطر. ولماذا ايضا، لان كل تلك العناوين التي طرحها في الكتاب هي مثار نقاش يومي بين كل افراد الحركة في كل الساحات والمواقع في داخل الوطن وخارجه. ولماذا ايضا، لان تلك الافكار بحاجة الى عصف ذهني اكثر يأخذ صيغة التشاركية بغية الوصول الى برنامج عمل نهضوي يحافظ على كل ما هو جيد ويحارب ويحاسب كل ما هو سيء.

في هذا الكتاب اسئلة كثيرة تم تهذيبها وتشذيبها، وهو ما عهدناه في صاحبنا من ادب جم ولسان دافيء، لكن تلك الكلمات يجب ان يتبعها كثيرا من النقاش، ويجب ان تلاقي كثيرا من الصدى لتحدث التأثير المطلوب بغية احداث التغيير المطلوب.

الكتاب يتكون من ثلاث فصول، وبحيث جاء الفصل الاول ص ١١ وحتى ٨٥ تحت عنوان الصلابة الوطنية والنضالية وتناول تحت هذا العنوان مساقات ومواضيع غاية في الاهمية وتستحق النقاش والتأمل، وهذه العناوين هي: كيف نتعلم من الناس، في النقد والحركة الوطنية، في صلب التنظيم، حركة فتح والفكر التنظيمي، النضال الداخلي وشجاعة الصراع، النقد والتوبة وقوى الرفض، المصالحة التنظيمية، المتشبهون بحركة فتح والحاسدون، الحجر المانع، الاستقواء على حركة فتح.

الفصل الثاني من ص ٨٥ وحتى١٤٤ جاء تحت عنوان رئيسي: المنهج التنظيمي في حركة فتح، ويتناول تحت هذا العنوان عدة مساقات وعناوين جديرة بالقراءة والبحث والتمعن وهذه العناوين هي: المؤتمر السابع لحركة فتح، عنواني الوحيد حركة فتح بدون ولكن!، من يجب ان يقود حركة فتح؟ ، المتمردون في حركة فتح، حركة فتح ما بعد العاصفة، انا لا انتمي لحركة فتح!، كيف نبني الشخصيات الحرة في القيادات الطلابية. كيف نفهم القيادة في حركة فتح؟.

الفصل الثالث من ص ١٤٥ وحتى ٢٣٠ جاء هذا الفصل تحت عنوان رئيسي الصراع في السياسة والقيادة، ويتناول تحت هذا العنوان عدة مساقات جديرة ايضا بالبحث والتمعن والمناقشة مثل: في ادارة الصراع واستراتيجية التنظيم، التنظيم السياسي والاوامر، عناوين القيادة، كيف نعمل بثقة بالنفس، كيف نحافظ على الفوز، التعامل مع الاجيال، الابداع، استنهاض الكادر.

الكتاب يشكل اضافة نوعية للادبيات الفتحاوية والتي افتقدنا وعبر سنوات اي عملية اضافة او تطوير لها، فغلب علينا السكون وانصرف هذا الوضع على هياكل التنظيم برمته فحدث الخلل واصابت هياكل التنظيم الترهل وصاحبها كثيرا من الامراض المزمنة والمرافقة لهكذا حالات؛ فانتشر الاستزلام وساد اشباه الرجال وتسلق الانتهازيون ونبتت الطحالب، وايضا لا ننسى ان المثاليون والمناضلون تتطهروا بزيادة واستنكفوا عن هذا العراك، فحدث كل هذا الوهن.

الكتاب يطرق مساحات شاسعة من الخلل، ويشخص ويطرح الحلول والبرامج.

كعادته احسن بكر ابو بكر واجاد في انتقاء الاداة واختيار الاسلوب لمعالحة الخلل، وهذا عهدنا به دائما، ونحن ندرك حجم تلك العقبات والصعوبات التي يواجهها امثاله، وحسبه ان هناك الكثير الكثير ممن يتلقون كل ما يكتب بقلمه السيال وينتظرونه بفارغ الصبر، وهم على العهد والوعد وينتظرون تحت كل غيمات المطر.

نحن على يقين ان امثال صاحبنا لا ينكسر ولا ينهزم، لانه ببساطة جاء من رحم انبل ظاهرة في التاريخ اسمها فتح.