سياسة الحَرَد تعبير عن العجز!بقلم: د. عبدالرحيم جاموس
تاريخ النشر : 2020-05-21
سياسة الحَرَد تعبير عن العجز!بقلم: د. عبدالرحيم جاموس


سياسة الحَرَد تعبير عن العجز ..!
بقلم د. عبدالرحيم جاموس
منذ إنطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في الأول من يناير عام 1965 م فقد رافقتها مواقف التشكيك والتخذيل من قبل قوى وفصائل مختلفة قومية ويسارية وإسلامية، ولكل واحدة منها مبرراتها الحزبية والفصائلية، وارتباطاتها الفوق وطنية وربما العابرة للدول والقارات أحيانا، وبعد أن ثبت لها خطأ وخطيئة مواقفها التشكيكية والتخذيلية من الإنطلاقة اضطرت لاحقا هذه القوى والتيارات أن تلحق بركب الثورة والحركة الوطنية وأن تدخل إلى ساحة الصراع والمواجهة العملية، بتشكيلها فصائل مقاومة مسلحة وغيرها، تحت المظلة التي اتاحتها ووفرتها لها حركة فتح، التي اثبتت انطلاقتها صحة التوجه والإنتقال بالحركة الوطنية من مرحلة التنظير إلى مرحلة الفعل الثوري على الأرض، وبدأت معها مسيرة استعادة الهوية الوطنية الفلسطينية بإعتبارها قضية وطنية قومية إنسانية عادلة تستحق الدعم والمساندة عربيا ودوليا، في مواجهة المشروع الصهيوني الكولنيالي العنصري في فلسطين، مراكمة الإنجاز تلوَ الإنجاز على طريق تحقيق اهدافها الوطنية والقومية التي إنطلقت من أجلها مستخدمة كافة أشكال التعبئة الوطنية وكافة أشكال النضال المشروعة دون إستثناء، لكن هذه القوى رغم مشاركتها الهامة في مسيرة الثورة والمقاومة، آثرت وبقيت أسيرة إلى شبكة ارتباطاتها وتحالفاتها الفوق وطنية والتي تمثل مرجعياتها الفكرية والايديولوجية، وبقيت أسيرة لعقدة البحث عن صفة التميز عن حركة فتح في ساحة العمل الوطني، رغم إختفاء بعضها وضعف البعض الآخر منها، أستمرأ بعضها ممارسة سياسة الرفض أو سياسة الحَرد لمنحِ نفسها صفة التميز عن الموقف الوطني الواقعي العام الذي تمثله حركة فتح، متهمة الآخرين بالتفريط تارة والمغامرة والمقامرة تارة، دون أن تحقق هي أي إنجاز ذا أهمية يذكر أو ينسب إليها عبر مسيرة زادت عن نصف قرن من الكفاح، سوى أنها استمرت في التمترس في مواقع المعارضة، تبرر وتغطي هذه المواقف السلبية عبر مسيرة النضال الوطني ( بالطهر الثوري وبالمواقف الأكثر تشددا وتصلبا والأكثر طوباوية ونقاء)، وكأن دورها يقتصر على تسجيل المواقف فقط، بغض النظر عن عدم واقعيتها وعدم جدواها، بل دون حساب للنتائج التي كانت في كثير من المحطات تدميرية للوحدة الوطنية ولبعض الإنجازات وقد أدت إلى فقد بعض الساحات النضالية المهمة في بعض الأحيان، وهنا أذكر لقاء ضمني مع مجموعة من الاخوة المناضلين من فتح وتلك التنظيمات في مدينة رام الله قبل عشر سنوات ومنهم قيادات من الصفوف الأولى ممن عاصروا المسيرة النضالية منذ بداياتها دون ذكر الأسماء مع حفظ الألقاب وأوفر الإحترام للجميع، حيث وصل أحد القادة من الرفاق إلى خلاصة لخص فيها المشهد الفلسطيني بالتالي (استطاعت حركة فتح عبر المسيرة وبهدي مبادئها واهدافها البسيطة والواضحة، التي انطلقت من أجلها أن تصنع برامج كفاحية وسياسات تستجيب لنبض الشعب الفلسطيني وبالتالي استحقت قيادته من خلال الإطار الجبهوي الناظم م.ت.ف على عكس بقية الفصائل التي كان لها ارتباطات مع بعض النظم أو القوى الحزبية الفوق وطنية، وعلى عكس القوى التي تبنت النظرية الماركسية كنظرية ثورية لها لتميزها عن حركة فتح، مما أدى إلى توهانها في سراديب الأيديولوجيا واستنزاف الجهد في تعلمها ومواجهة تناقضها مع الموروث الثقافي والديني للشعب الفلسطيني، كل ذلك حال دون قدرتها على تقديم البرامج والسياسات الواقعية والعملية التي تحاكي نبض الشعب الفلسطيني واحتياجاته المرحلية والإستراتيجية ضمن منظور واقعي وعملي، مما حدى بها أن تستمر في التمترس في خندق المعارضة وللأسف المعارضة السلبية في أحيان كثيرة، إنتهى قول الرفيق) اعتقد أن هذا التوصيف والتلخيص الدقيق لازال قائما وصالحا لتفسير المشهد الفلسطيني القائم اليوم، بالتالي نخلص إلى أن سياسة الحَرد تارة والتشكيك بالمواقف والسياسات المعتمدة تارة أخرى، والإكتفاء بتسجيل المواقف دون أدنى إعتبار لما يمكن أن يتمخض عنها من سلبيات على مجمل الإنجازات الوطنية ومسيرة النضال الوطني، مثل هكذا مواقف عدمية لاشك في ضررها البالغ على الكل الوطني لعدم واقعيتها وعدم موضوعيتها، إن المستفيد من ذلك فقط هي تلك القوى التي تزعجها الوحدة الوطنية الفلسطينية، فهل يدرك الاخوة في مختلف الفصائل داخل وخارج م.ت.ف، خطورة مثل هذه المواقف السلبية على مجمل النضال الوطني الفلسطيني وعلى مستقبل القضية، في الوقت الذي يحتدم فيه الصراع مع المشروع الصهيوني ومُلاكِه، وابسط العارفين بالشأن الفلسطيني يدركون أننا ذاهبون إلى الإشتباك لا محالة مع العدو بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى وعلى مستوى كل الصعد، ألم يَحِن الوقت ليكفوا عن مواقف وسياسات الحَرد والمعارضة السلبية..؟!
د. عبدالرحيم جاموس
20/21/05/2020م
[email protected]