-لقد وجدتُ نهاية استحقها بعد كُل ما مَررتُ به.
_تلك النهاية ستكون قاسيةً بعضَ الشيء وسعيدة بشكلٍ مؤسف.
_لقد كانت والدتي الملاذ الوحيد الذي الجأ إليه مُنذُ صغري، لم تذهب بل ما زالت موجودة بِجانبي في كُلِ لحظة ولكن، لم يعد بوسعي إخبارها عن ما يُصيبني من نازِلَةٍ وأذىً كما كُنتُ أفعل سابقًا؛ فقد نضجت عُمرًا، وأصبحتُ أشعر بالخَجِل مِنها بعدما بلغتُ من العُمر عتيًا، أصبحت أضع مُنازعات قلبي فوق بعضها البعض حتى بلغت عنانَ السماء.
لم تكن المُنازعات سوى خيبةَ صديقٍ صدوق، طعنةَ خَنجرٍ مسلول من قريبةٍ بعيدة، ضربةَ سهمٍ صُنع من غُصنِ شجرةٍ كُنت للأسف أعتني بِسقايتِها، ولم يُحزُنني في الأمر سوى الوعود المُزيفة بعدما أدركت أنها ليست سوى وعودًا بالثلاثةِ طالقة وباتت منبوذة.
والآن أُوصيكم بأن تكونوا أكثر نقاءً بعدما خُذلتُ مرارًا وتكرارًا مِمَّن كانوا أصدقائي، وتِلك التي أطلقتُ عليها لقبَ تاجِ النِساء، وهؤلاء الذين أسسوا لأنفسهم قبورًا في ذاكرتي ولا تزالُ أطيافهم تَتجول بِمُخيلتي كُل حين.
أصبح كلُّ شيءٍ غريبًا وغير مألوف كما هو المُعتاد، جفّت تلك الدموع التي كانت تنهمر في كُلّ لحظةِ ألمٍ أشعر بِها، انطفأت آخر شمعةٍ أشعلتها من لهيب حرقتي على نفسي، آنستُ برودَ مشاعري، حلّ الظلام بِداخلي، ثمُ أنني سقطتُ في فوهةِ اللاوعي.
في تلكَ اللحظة عجزت أن أعود لِنفسي مُجدّدًا، لقد كُنتُ مُكتئبًا ومُكتظًا بشيءٍ قاضٍ أشدُ شَراسةً من الشَجًى.
لم أجد شخصًا واحدًا يُسند جسدي الهَزيل في تِلكَ اللحظة، إزداد سخطَ قلبي وأصبح بِمثقال جبلِ اُحد.
ذهبتُ مُسرعًا لأعلى شُرفةٍ في البناية، وكتبتُ على الحائط المُقابل لها "أتمنى لكم اللعنةَ الأبدية بعد رحيلي، لا أُريد دموعًا مُزيفة ولا حتى مراسمَ العزاءِ الكاذبة؛ حتمًا سيجتمع المُنافقون قِبال المُخادعين وتتعالى أصوات ضَحكاتِ السُفهاء، وأنا لا أُريد أن يحدث ذلك أبدًا.
_كُنت مُبتسمًا ومُبتهجًا بلذة السقوط الأخير، حين توفقتُ بِقفزةٍ قد بلغت فرحتي عنانَ السماء بِسببها.
كانت صرخات تلك الروح التي تسكُنني مسموعةً بشكلٍ جيد وقد كانت بأنينٍ قاتل وهي تُعاتبني على ما فعلته بِها.
كان السقوط مُدهشًا ومُمتعًا؛ لم تستطع المُنازعات اللحاق بي من شدةِ سرعةِ السقوط لذلك كُنت مُبتسمًا.
ارتطم جسدي بكامل قوته بالأرض وأُنتُزِعت روحي مني حتى اخترقت التراب وأصبحت هباءً منثورا وأنا مُقطعًا أشلاءً من فوقِها ولم أشعر بِشعرةٍ من ذلك.
غريزَة انتحار بقلم عبدالرحمن احمد المناصير
تاريخ النشر : 2020-05-06