مبعوثة الرب المنسية
أتت راكضةً نحوي تتعثر قدماها و تُدمى من الأشواك التي تحتها لكنها لم تأبه بل واصلت سيرها وهي على عجلة. بقيت تركض وهي تتخبط مع أفكارها، تضغط على رأسها عَلَ من شأن ضغطها وقف سيل الأفكار المنهمر، أرادت التقدم أكثر، عانت لتكمل مسيرها المزخرف بالأشواك الندية لكنها تيبست فجأة ولم تستطع الإكمال نظرت لي بعينيها المليئتان بالعبر وصرخت مناديةٍ إياي: هَلُمَ وساعدني ،أما عُدت أَعنيك؟ أتذكر أيام العشق أثناء الشفق؟ وأيام الحب تحت رعاية الرب؟ أنسيت؟ لأُذكرك إذن بالمشي تحت الغيث، أو اللقاء بعد كثرة البعاد، أنسيت كل ذلك؟ إذن أنت لست من أحببته، لم تعد تعنيني. سحقًا للقلب الذي هواكَ، والقدر الذي جمعني بكَ، والفؤاد الذي صدق ما قلته. تبًا لحبكَ الكاذب وعشقك الهزيل، أترى ما أُقيم بداخلي؟ لأصف لك المشهد قليلا، ً حفلاتٍ جنائزيةٍ على سيمفونيات من الحزن ،و مآتم عظيمة فقيدها الهوى وسلطانها الأنين، خنادق عميقة من الأشجان، وجدٌ قد جعل الوجدان يتلاشى، وآبارٌ لا تُفنى من العبر.
منذ سنين نفس المشهد يعاد و يتكرر أمامي أستيقظ وأنا أصارع لأخذ شهقة أكسجين والعرق يغرقني والعبر تتدفق تلقائيًا لترسم مساراتٍ على وجنتاي المجعدة، ربما كان حقًا نداء من حبيبتي التي تركتها كالأسمال خلفي تحت إمرة زوج طاغٍ، لكنني لم أستجب لهذا النداء الذي ظننته حلم ولم يكن كذلك،أتعلمين أنني أنام لأراكِ، رغم أنك تشتُميني إلا أنني أحيا بشتائمك، كنت حلمًا جميلاً رغم الدم والأشواك، كُنتِ مُرادًا بعيدًا تمنيت بلوغه ، كُنتِ كبلسمٍ شافي لجرحٍ دامي، كُنتِ كقراءنٍ يُتلى على مسمع رضيع، كُنتِ كمعزوفةٍ هادئة أثناء السحر، و كلمسةِ أمٍ دافئة أثناء نضوج البرد، أنتِ المواساة التي بعثها لي ربي لكني أهملتها فأصبحت أحيا على ذكرها وأثرها تحديدَا على هامش ما تركته لي مواساتي الوحيدة.
مبعوثة الرب المنسية بقلم: أسماء علي الدبايبة
تاريخ النشر : 2020-05-06