قراءة عابرة في أعمال التشكيلي المغربي عبد الوهاب أودرهم
تاريخ النشر : 2020-04-13
قراءة عابرة في أعمال التشكيلي المغربي عبد الوهاب أودرهم


جمال التراث في لوحات

 قراءة عابرة في أعمال التشكيلي المغربي عبد الوهاب أودرهم

لحسن ملواني ـ المغرب

      في جنوب المغرب حيث الطبيعة العذراء ، وحيث الواحات الفيحاء، وحيث القصبات بملمحها الجميل والأصيل تؤثث الرحاب ،نشأ الفنان التشكيلي عبد الواحد أودرهم كغيره من الفنانين المهتمين بتوثيق التراث المعماري الأمازيغي وما يؤثثه من بعض الأدوات والحلي واللباس. مفردات نجدها في لوحات جل أو كل الفنانين الناشئين في رحاب هذه المناطق النائية جنوب المغرب.

وأهمية الفن التشكيلي في هذا المجال تقريب لجمالية هذا التراث الغني الأصيل بمكوناته المتنوعة الدالة على ما وصله الصانع والصائغ والباني الامازيغي من مقام في ميدان الإبداع.

عبد الواحد أدرهم فنان تشكيلي يظهر حبه في نقل ما يثيره من التراث الأمازيغي إلى لوحاته مساهما في التوثيق وتعميق الإحساس بمقومات هذا التراث.

ورغم أن كثيرا من الفنانين تناولوا نفس المعطيات التراثية فإن لكل بصمته ، وعبد الواحد في هذا المجال فنان تأثيري وانطباعي أحيان يحاول أن يجسد ذوقه وتقديره لجمال ما يراه.ولأنه يحب التراث فإنه حينما يرسم رجلا مسنا بجلبابه الأبيض وعمامته الجميلة وسلهامه الفريد وبلغته وخراجه الجلدي المزين بزخارف أمازيغية فإنه يسجل تراثا يخاف أن ينمحي وينفلت من بين أيدينا بموت حامله.فالشهادات الشفوية والملابس والأثاث يختفي أثرها بموت حاملها. ومن هنا تتأتى أهمية توثيق وتدوين التراث عبر لوحات ومقالات وأفلام وغيرها من الفنون.

في لوحاته يحاول أن يبتعد أحيانا عن النقل المباشر والموازي للتراث فيورده عبر التجريد مستعملا في ذلك أيقونات هي أجزاء من حلي أو من معمار...والحال أن إيراد التراث الأمازيغي في الفن التشكيلي ينبغي أن يمر عبر كل المدارس التشكيلية من واقعيه إلى رمزية وسريالية وتأثيرية...ومن أمثلة الفنانين الذين يحاولون ذلك بعيدا عن النمطية محمد بوصابون الذي "يمتلك  خبرة في الانتقاء الصائب،وبالمَوْضعَه الدقيقة للمفردات المختارة بتناسقية إستيتيكية فائقة الانسجام والمواءمة وفق قالب يحرص فيه على النظرة الجمالية من كل الزوايا"

في لوحات عبد الواحد أبعاد المكان بما تحمله من غطاء نباتي قوامه أشجار النخيل والأتل ..علاوة على القصبات التي تبدو منتصبة مزهوة بنفسها تتحدى قهر الزمن .والفنان في ذلك يحاول أن يغير من ألوانه تعييرا طفيفا تقتضيه نظرته واللحظة الملهمة له .

إلى جانب ذلك نجد للزربية مكانة في أعماله بما تحمله رموز تراثية وألوان متجانسة ووشي بهي...

وبذلك تكون لوحات هذا الفنان إضافة تغني المنجز الإبداعي والتشكيلي الموثق للتراث الأمازيغي في عصر توحش العولمة التي تأتي ماحية ومنسية لتراث الشعوب الأصيل والجميل.