عندما تدور الدوائر ويوزع الوجع بالتساوي بقلم:د.أحمد هشام حلس
تاريخ النشر : 2020-04-03
عندما تدور الدوائر ويوزع الوجع بالتساوي بقلم:د.أحمد هشام حلس


عندما تدور الدوائر, ويوزع الوجع بالتساوي...
بقلم الدكتور/ أحمد هشام حلس

رئيس المعهد الوطني للبيئة والتنمية

كلام من القلب وليس من العلم، وفي العقيدة وليس في الطب، وبالمنطق وليس بالصحة....

سأخبركم بما اراه يقينا وأدركه، ولست شامتا او مستهزئا او مريدا لاحد اي سوء، معاذ الله, لكنها سنة الله القدير جل في علاه، وقانونه العادل، وشريعته الحكيمة والمحكمة.

دعوني ابدأ القصة، اعانني الله على سردها، وترتيب أركانها، وتبيان مفاصلها, انه ولي ذلك والقادر عليه...

الا تلاحظون احبتي ما يجري في بلاد الغرب المتقدم اليوم، ذاك الغرب الذي فتننا وابهرنا على مدار سنين طويلة، بحضارته وازدهاره وتطوره، بنظامه وتقدمه وتسارع اختراعاته وابتكاراته, الم تنتبهوا الى قسوة هذا الفيروس متناه الصغر مع شعوبهم, وشراسته وعنفه الهائل والجارف في بلادهم، هل قارنتموه بما يجري في بلاد الفقراء والتعساء والمحرومين, هل ترونه في بلاد المجاعات والبطالة والتخلف, حنانه وبساطته وهدوئه في البلدان النامية والفقيرة والمسحوقة لا يقارن, وكأنها جرثومة أخرى, غير التي نتابع اخبارها هناك, في بلاد الغرب.

في الوقت الذي يموت فيه آلاف من الاوروبيين والإنجليز والامريكان، لا يموت احد يذكر في مصر والسودان وفلسطين وسوريا والاردن واليمن وليبيا, ارقام بسيطة جدا، رغم الفرق الهائل في الحضارة والتقدم والثقافة والاقتصاد والهيمنة والغطرسة والجبروت.

ما يجري هو عكس المنطق بالكامل, ومناف للمعهود وما هو معروف, كانت كل التحذيرات والخشية ان يصل الى الدول الفقيرة, وصل, ثما خفنا ان يصل فيتفشى, فوصل ولم يتفشى, ثم قلنا ان تفشى سنموت جميعا, أصيب عدد من الناس وحالتهم مستقرة وبعضهم تعافى وتشافا كما الانفلونزا العادية.

انها عدالة الله جل في علاه، متمثلة في عظمته الهائلة نحو الطغاة، وقوته المطلقة مع الجبابرة والمجرمين، يعز من يشاء ويذل من يشاء, دول وشعوب ظالمة، مارست كل اشكال الغطرسة تجاه شعوب الأرض قاطبة, وشعوب أخرى بسيطة ضعيفة حائرة, غشيمة غبية جاهلة, استعمروا ونهبوا خيراتهم بكل جشع, وبكل قبح وكفر وعنجهية, على مر التاريخ، ايطاليا التي ذبحت ليبيا بفاشيتها المجرمة وشنقت مختارها شيخ الشهداء عمر امام الجميع, تموت اليوم بلا رحمة وبالجملة، وفرنسا التي دمرت الجزائر وقتلت منهم الملايين, يخنق شعبها بلا تنفس, ويموت الناس في الشوارع والطرقات، وبريطانيا التي نهبت خيرات العالم الثالث والفقير كلها, واستبدت وظلمت شعوبهم قرون وقرون، وسرقت فلسطيننا الحبيبة واعطتها لليهود الملاعين, جثث أبنائها في ممرات المشافي مكدسة, بعضها فوق بعض, والبكاء ينهش ابدان الجميع، والمانيا التي قتلت ملايين من بني البشر من أطفال ونساء بنازيتها ومجرميها المتكبرين, تحاول اليوم لملمة جراحها من عدو لا يرى بالعين المجردة، اما أمريكا الطاغية, الاب الحنون للصهاينة اللصوص بكفرهم واجرامهم، تلك الدولة المارقة التي دمرت العراق وافغانستان وليبيا واليمن وسوريا لتنهب ثرواتهم، فأدخلت شعوب تلك الدول في شرق اوسخ جديد ودوامات عميقة من الفساد والضياع الممول والخلاق، غير آبهة لصراخ الملايين, كان همها الأول والأخير بناء حضارتها ومستقبلها ولو على جثث الأطفال والنساء. كلهم اليوم يصرخون بكل ضعف وهوان، وباستسلام مهين ومخز، وجيوشهم وصواريخهم وعتادهم واسلحتهم يأكلها الصدأ, كما يأكل هذا الميكروب شعوبهم بلا شفقة او تردد, شعوبهم التي استماتوا لتأمين مستقبلهم على حساب ثروات الشعوب الأخرى البسيطة.

لست شامتا بهم ابدا, لكنني أتذكر تاريخهم المر في حلوقنا, وجرائمهم المؤلمة في اذهاننا, لم يثوروا كشعوب ضد حكامهم الذين ظلمونا, لم يحرك الشعب الأمريكي ساكننا عندم نقل ثورهم الأشقر سفارتهم الى قدسنا ونحن نراقب بضعفنا وهواننا والدموع تحرق قلوبنا ما يجري, لم يفعل الشعب البريطاني أي حراك فاعل ضد كلبهم ازرق العينين توني بلير عندما دمر العراق وخرب حضارتهم لألف عام قادمة, وماذا فعلت فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا واسبانيا مع إسرائيل التي تقتلنا منذ سبعين عاما.

ما اراه اليوم, هو انتقام من الله عز وجل, من شعوب ودول طغت وتجبرت, وظلمت وانتهكت حقوق الفقراء والمساكين والتعساء في افريقيا واسيا وفي وطننا العربي, اثاروا النزاعات بين الناس بأموالهم, والبو وحرضوا الشعوب على بعضها البعض, وخلقوا الطوائف والعصابات والملل والأحزاب والحركات والفرق والجماعات المسلحة بأسلحتهم, والمحصنة بأموالهم, فدمروا البلاد والعباد بأيدي أبنائها الاغبياء, في حروب طاحنة أكلت اخضر تلك الدول ويابسها, فخلت لهم ولأطماعهم واسرائيلهم الأجواء, وقد حصل, ودفعنا ولازلنا نحن الفلسطينيون الثمن غاليا.

أقول قولي هذا واستغفر الله العزيز لي ولكم
الدكتور/ أحمد هشام حلس.