اندثار بقلم:رشا رياض المصري
تاريخ النشر : 2020-04-01
اندثار...

تسمرت خلف النافذة في قَعر السرداب، أطرافي ترتجف، و قلبي لا يزال يحتفظ بشيء من الأمل رغم الخوف الذي بات يفترسه بأنايبه. 

مرت شهور و روحي مسجونة في هذا الوكر المظلم، لا أتكئ على شيء سوى نفسي المنهكة. 

دموع تنهمر، صلوات ترتفع من سردابي الموحش تعانق السماء. 

 أتوق للحرية و لا أجد مخرجًا واحدًا، شقوق هذه الجدران تُشبه الشرخ الذي شقّ في قلبي، لا أستطع أن أرى تفاصيل الصورة التي تحجزها الأطر المرصوفة على الجدران.

انها تجمع صورا لأشخاص مجهولي الملامح، كأولئك الذين ذهبوا تاركين لي طيفهم يحلّق فوقي كل ليلة. 

نافذة بليدة أنظر إليها وكأنها منفذي الوحيد بينما تتبسم بسخرية وكأنها تريد إخباري بأنني سأبقى سجينة إلى الأبد. 

أراقب قنديل مُعلق على الحائط يرتدي ثوباً من الغبار يعجزُ عن خلعه، تمرُّ الليالي ببطء اليأس نال مني حتى لم أعدُ أملك تلك الطاقة لِأُكابر على نفسي وأدعي الشعور بالأمل. 

أنا فريسةُ الظلام، فريسة الأفكار المجنونة والذكريات المؤلمة، أنا اللاشيء، معدومة الرغبة، أصبحت توأم العتمة، هذا السرداب أصبح يُشبهني جدا، يُشبه تفاصيل روحي التالفة، حتى ذاك الأمل المتشبت بقبسٍ صغير من نور القنديل اندثر اليوم واندثرتُ معه حتى طرق مسامعي صوت خطوات أظن أنها مألوفة، قليل من النور يدخُل عيني دُفعةً واحدة، أصرخ من الألم وأهمس لنفسي : "ما الذي حدث!

من أشعل القنديل بغتة بعد أن ألِفْت العتمة! 

ما الخطب؟ 

هل أُستجاب الله مناجاتي، أم أنه يتحتم على الأشياء أن تأتيك من تلقاء ذاتها راكعة بعد نضوب الشغف!"

رشا رياض المصري