يوم الأرض... الثلاثون من آذار بقلم:د.الهام شمالي
تاريخ النشر : 2020-03-31
يوم الأرض... الثلاثون من آذار 

     يحرص الفلسطينيون، في الثلاثين من آذار من كل عام، على إحياء ذكرى يوم الأرض الخالد، والذي ترجع أحداثه إلى عام 1976؛ حين جرت أول مواجهة مباشرة بين الفلسطينيين، ودولة الاحتلال منذ عام 1948م؛ إذ كان ذلك اليوم رداً صريحاً على السياسة الإسرائيلية، التي ظنت أن الفلسطيني قد رضخ لواقع الاحتلال وغطرسته، وفيه أكد الشعب  على استمرار نضاله وثورته ضد أي محتل سواء كان إنجليزي، أو صهيوني، ليكون يوم الأرض امتداد للثورات الفلسطينية التي اندلعت في وجه حكومة الانتداب،  فسلب الأرض، وتشريدها أصحابها منه المحور الأساسي للنضال الفلسطيني، فلم تكتفي دولة الاحتلال بما سيطرت عليه عبر حرب النكبة عام 1948م، التي مكنتها من السيطرة على 78% من مساحة فلسطين، تارة بالمجازر والإرهاب المنظم، وتارة أخرى بالقوانين الإسرائيلية تحت مسميات ظاهرها التطوير، وأساسها التهويد والاقتلاع لمن تبقى على أرضه.

   يعد يوم الأرض الخالد، منذ أربعة وأربعون عاماً معلماً بارزاً  في الصراع على الأرض؛ لأن الأرض هي الوجود والتمسك بها يعني رفض المحتل وممارساته العنصرية، فقد عبر فلسطينيو الداخل عن هويتهم الفلسطينية، ورفضوا المخططات الاسرائيلية، التي أرادت نزع علاقة الفلسطيني بأرضه، وجسد يوم 30/3/1976م مدى عمق ارتباطهم بأرضهم، التي رويت من دماء وتضحيات شهداء الثورة، فهذا اليوم سيبقى رمزاً لوحدة الشعب الفلسطيني.

   واليوم في  ظل جائحة الكورونا ...كيف سنحي يوم الأرض؟  ذلك اليوم الذي اعتاد الفلسطينيون على احيائه كل عام تخليداً لذكرى ستة شهداء ارتقوا برصاص جيش الاحتلال الاسرائيلي، رفضاً لمصادرة ألاف الدونمات، هبة فلسطينية خرجت من عمق دولة الاحتلال، لم يستطع معها الحكم العسكري الذي دام أكثر من عشرين عاماً من إذابتهم في هذا الكيان، مع استمرار النهج الصهيوني بسلب الأرض، ففي عام 1975 طرحت الحكومة الاسرائيلية برئاسة رابين خطة لتهويد الجليل، تضمنت إقامة عدد من المستوطنات، وتمت المصادقة على مصادرة 22.500 ألف دونم من اراضي الجليل" سخنين، وعرابة، ودير حنا، وعرب السواعد؛ لصالح خطة التهويد في 29/2/1976م، ومنع أصحابها من الوصول إليها  .

     قوبلت عملية المصادرة برفض شعبي، وأقرت لجنة الدفاع عن الأراضي سبل التصدي لعملية المصادرة بالإضراب العام يوم 30/3/1976م، وجابت المسيرات الرافضة للقرار، القرى الفلسطينية رافضين التهديدات الاسرائيلية، ومتحدين، إعلان حظر التجول، وعم الإضراب كافة القرى الفلسطينية من الجليل شمالاً إلى النقب جنوباً، فخرجت سخنين ودير حنا وعرابة وعرب السواعد في مقدمة تلك المسيرات، التي قابلها شمعون بيرس وزير الأمن، بالقمع الشديد، مما أسفر عن استشهاد ستة شهداء، الذين كان استشهادهم إيذاناً بإشعال المظاهرات في معظم القرى والمدن الفلسطينية.

     ولكن هل انتهت معركة الأرض؟، مطلقاً لن تنتهي إلا بانتهاء الاحتلال، وحتى ذلك الحين ستبقى كل الأيام الفلسطينية " أيامنا للأرض، لأن دولة الاحتلال لازالت تمارس عمليات مصادرة الأرض، وتقيم عليها المستوطنات، وتجلب المهاجرون من كل مكان، وكان أخرهم 12 مهاجر من أثيوبيا، وتواصل هدم المنازل وتهجر شعبناً، سواء في الخان الأحمر أو النقب المحتل.   

     هذا العام يوم سيكون مختلفاً عن كل الأعوام في ظل الأزمة الجائحة" كورونا"، التي أصابت العالم ككل وتساوى العالم بها، ما عدا الشعب الفلسطيني، الذي يواجه فيروس كورونا وفيروس المحتل وعنصريته، وفايروس استمرار الانقسام البغيض، ومع ذلك لا بد أن يستمر النهج الفلسطيني لإحياء هذه الذكرى الخالدة، التي كانت ستكون ذات وقع مختلفة هذا العام، لولا هذه الجائحة، خاصة مع طرح ما سمي بالرؤية الأمريكية، التي تضمنت ترانسفيرًا ديموغرافيًا لرفع العبء عن  دولة الاحتلال، وخصوصًا في المثلث، والتي حددتها الرؤية بـ عشرة قرى، يتم التخلص منها مقابل ضم مستوطنات الضفة الغربية والأغوار المحتلة، مع ملاحظة ان الرؤية الأمريكية الإسرائيلية تبنت تسليم عشرة قرى عربية، ولكن دون أراضيها الزراعية.

      وفي هذا الظرف الاستثنائي التي تعيشه الكرة الأرضية بعدما أثقلتها البشرية بممارساتها، كيف لنا أن نحي يوم الأرض؟ هل نرفع علم فلسطين في كل بيت، ونطلق الأناشيد الوطنية، أم نحي الذكرى على مواقع التواصل الاجتماعي، عبر تظاهرة رقمية؟ هذا اليوم مناسبة وطنية فلسطينية فلنحافظ عليه، ليبقى رمزاً للشعب الفلسطيني، الذي لم تنل منه كل عوامل القهر والتمزق والغطرسة الإسرائيلية مهما طل أمد الاحتلال.