عندما تمطر السماء والأرض ترفض الإستجابة بقلم:مروان صباح
تاريخ النشر : 2020-03-28
عندما تمطر السماء والأرض ترفض الإستجابة بقلم:مروان صباح


عندما تمطر السماء والأرض ترفض الإستجابة ...

مروان صباح / لقد كشف فيروس كورونا للبشرية عن الأوراق الخبيئة ، فهناك إلى هذا حقيقة قديمة قدم الخلق ، تقول بأن الأرض خلقت على معيار التوازن ، وطالما المقيمون فوقها غير عابثون بتوازنها ، إذن ستستمر بالسير بطبيعتها وهذا تماماً ينطبق على تكوين الإنسان ، وبالتالي مازال الشغل الشاغل الذي يشغل العالم حالياً هو فيروس كوفيد 19 ، لأن عدم الاشتغال فيه سيفقدنا القدرة على معرفة من أين جاء وكيف يمكن تفكيكه والحد من تمدده ، وإجمالاً الأوبئة لا تأتي بالصدفة أو أنها مسألة طبيعية تفرزها الأرض بطبيعتها ، فالفيروسات تعتبر كائنات موجودة منذ أن تكاثرت البشرية وأصبحت اعدادها كبيرة داخل دائرة جغرافية محددة ، لهذا تحول ( عالم الفيروس ) كابوس يدك مضاجع العلماء ، وقد اسردتُ في وقفات سابقة عن مواقف مختلفة في التاريخ ، كيف كان الطاعون حاصداً للأرواح وحمل ايضاً في طياته تغيرات سلطوية سجلت تحت الانقلابات الطاعونية ، لكن الجديد اليوم ، أن هناك ثلاثة حقائق سنستحضرها من التاريخ ضمن عمليات المقاربة ، بالطبع ليس الهدف تحميل طرف معين بالعبث الحاصل ، بل لكي نؤكد من هنا بأن الإنسان عدو نفسه وعدو الطبيعة ويقف الآن أمام فيروس عنيد وتكمن عنادته بنعومة حصده للأرواح ، كأنه تنبه للإجراءات التكتيكية التى الناس أحسنت توظيفها من أجل التعامل معه ولولا تلك ، كانت الاعداد بالملايين ، وبالتالي لا أحد حتى الساعة لديه التصور حجم الخسائر التى ستتكبدها البشرية من ورائه .

القضية الأولى بالبطع لها طرافة والطريف في مقامها ، إن عقلية التجارة في معانيها الأسفل والاخس والأرخص لم تغيب عن تجار البشرية حتى الساعة ، ففي الصين التى تعتبر مصدر لتفريخ الأوبئة ، على الأخص ، وجنوب شرق اسيا بصفة عامة ، مازال التاجر يبحث بطرق مختلفة في رفع مصادره المالية بالطبع تأتي دائماً على صحة الإنسان ، وبالتالي يُعرف عن المزارعين الصينيون عن امتلك كل فرد في مزرعته مختبراً للتجارب البيولوجية والتى يجتمع فيها على الأغلب الخنازير والدجاج ، وبفضل هذه التجارب حدّثّ ولا حرج حول ظهور الفيروسات الغريبة وبالجملة والهدف منها ، هو السيطرة على السوق العالمي تماماً كما خاض الصيني حربه بجهاز هواوي الذي أراد به تجاوز حيز 10 % من الأسواق الخلوية العالمية ، الأمر الآخر ليس أقل سخونة ، لقد شهدت الصين قبل 200 سنة حرب الأفيون ، وبعيداً عن النوايا الرافضة التى عبرت عنها آنذاك الامبوراطية أو لاحقاً الحزب الشيوعي الصيني ، إلا أن الموطن الصين كان له الباع الطويل في زراعة الأيفون وتصديره للتجار البريطانيون والفرنسيين ونشره أرجاء المعمورة وبالتالي وجدت بريطانيا من خلال مادة الأيفون عنصر مهم بالسيطرة على شعب تعداده كبيرة وايضاً المردود المالي التى كانت تجنيه بريطانيا ليس بالرقم البسيط وبالطبع ظلت الصين مخدرة إلى أن جاء ( ماو تسي تونغ ) الذي أعتمد سياسة حرق المحاصيل وتنفيذ عقوبة الإعدام بحق زارعها ومروجها .

أيضاً هذا الطرح من الذكراة الطويلة ، وهو نتيجة دراسة مستفيضة وغائرة ومتنوعة الكتل ، الآن أنتقل الإنسان بعبثه من فوق الأرض وتحتها إلى الفضاء الخارجي ، حدثَ في العقد الأخير إنفلات بحثي وعلمي ، بالطبع كما جرت العادة البشرية ، سيُولد بتأكيد كثير من الأوبئة ، لكن هذه المرة سيكون من الحجم الثقيل الذي لا يمكن للعقل البشري استيعابه أو التعامل معه ، لأن البشرية عهدة وحسب التجربة ، بأن ضبط الإيقاعي للباحثين أمر مفقود ، على سبيل المثال ، من يضمن للأقمار الصناعية أو تلك المركبات الفضائية أن تعود إلى الأرض دون أن تصاب بعدوى من الكائنات الحية ، لكن هذا النوع من المواد يمكن لها أن تكون من نوع قاتل وبشكل فوري ، أي أنها لا تعطي الفرصة للتعامل معها ، وبالتالي ، العمليات البيولوجيية التى يسعى لها الصينيون ، في النهاية هي إنتاجات غير طبيعية وترفضها الأرض جملةً وتفصيلاً ، تماماً كما هو الحال لأي جرثومة أو فيروس قادم من خارج الأرض .

تراكمت التحذيرات واحدة تلو الآخرى ، لكن هيهات أن تجد آذان صاغية ، وبالتالي استدعت الوقائع مجدداً ، لخبطة جديدة لكن هذه المرة تهدد الأغنياء والساسة قبل عامة الناس ، ومع ظهور فيروس كورونا الذي بإطلالته الجائحة كشف بالمعنى الإسقاطي ، الضوئي ، حقيقة المواجهة الاقتصادية ، فالسؤال كيف ستتعامل الحكومات العالم ما بعد فيروس كوفيد 19 ، الذي سيترك تأثير طويل الأمد على البشرية بعد ما أحدث إرتباك لنظام العولمة ، وبالتالي في اعتقادي ، لا يوجد في الواقع خوفاً على طبقة الأغنياء ، بل تاريخياً هذه الطبقة استطاعت النجاة بحكم استيلاد أشخاص آخرين يتولون المهمة ، إذن المجتمع الأوروبي ينقسم في ظل أزمة كورونا إلى ثلاثة أقسام ، الأولى هي الطبقة المتحكمة بمصادر الإنتاج وهي الطبقة الأكثر ثراءً ، وهؤلاء مبدئياً تواروا عن المشهد ، والأخرى ، الطبقة المتوسطة الذين يعانون الكثير الآن في المستشفيات أو من التزموا البيوت تجنباً من انتشار العدوى ، لكنهم مهددون بالإفلاس ، واخيراً ، طبقة الأحزاب التى ظهرت في هذه الأزمة بأنها ظاهرة صوتية لا قيمة لها فعلياً ، وبالتالي القارة الأوروبية تتحضر في المستقبل لثورة شعبية عارمة ستطيح بهذه التجمعات الصوتية ، أي بالأحزاب التقليدية والمُفلسة حتى في امكانية التأثير بالتضامن الإنساني ، التى ستكون مكملاً للثورة الاجتماعية في عام 1968م ، لقد مرّ على تأسيس القارة الأوروبية الحديثة ما يقارب 200 عام ويزيد ، ابتداءً من الثورة الفرنسية الأولى والتى حملت مبادئ العدالة والأخوة والمساواة ، ومن ثم مرت القارة الباردة في القرن التاسع عشر بتحول جذري لمفهوم المواطنة ، الذي ترتب على ذلك ، تبني نظرية ( الواجبات والحقوق ) وبالتالي بدأ نظام الجباية والضرائب حيز التنفيذ وبات المواطن شريك سياسي في رسم حياة الدولة ، إلى أن وصلت الأمور بالفرنسيين بصنع انتفاضة جديدة ، ضد الرأسمالية والنزعة الاستهلاكية والإمبريالية والمؤسسات التقليدية والتى دفعت بالجنرال ديغول بالهروب إلى ألمانيا ، بالفعل نجحت انتفاضة 1968 م كحركة اجتماعية لكنها أخفقت أن تكون حركة سياسية ، وبالتالي ما نشاهده اليوم من هشاشة واقعية للمنظومة الصحي في إيطاليا أو اسبانيا يعود لفقدان البلدين لاحزاب رقابية حقيقية ، على الرغم من الإنفاق الكبير على التسلح والذي يندرج على الأغلب في محض ذرائع تغطية واجهة الفساد ، بل ما يجري اليوم ، يعتبر مؤشر صريح وواضح لثورة اجتماعية وسياسية قادمة لا محالة .

كما هو العرف في كل مقال ، أختم بفقرة أخيرة تدلل عن الخلاصة ، لكن هذه الخاتمة مختلفة فعلياً ، لقد أعتدت على صنع المقاربات ومن زاوية شخصية أتساءل ، إذ شاء حسن طالعي أن أستمع لحوار دائر بين السحاب ، فإن السحب الآن تتهامس مع بعضها البعض حول إرتباك البشرية في مواجهتها لفيروس ضامر ، إذن ، ماذا ستفعل في المستقبل عندما تمطر السماء بغزارة والأرض ترفض الاستجابة بإخراج زرعها ، كأن المطر تحول إلى ما يشبه بالرصاص الفشنك .. والسلام
كاتب عربي