المساء السريع!!بقلم: محمود حسونة
تاريخ النشر : 2020-03-28
المساء السريع!!بقلم: محمود حسونة


لأننا الآن في الربيع…
أريد أن أخبئ بين أوراقي زهرة من أزهار الربيع نقشتُ عليها اسمكِ، وزهرة أخرى أهديها لكِ، اختاري لها أنت الاسم الذي يعجبكِ، واحتفظي بها أينما تريدين!!
هكذا سيكون الربيع أجمل!!
أريد الفراشة الزرقاء التي حامت حول النور في حلمك، وقطرات الندى التي بللت زجاج نافذتك، والصورة التي أمسكتْ بكِ وأنت تضحكين هذا الصباح!!
نحن الآن في أوّل الربيع….
أريد فراشة أخرى طارت من بين أصابعك الدافئة؛ سألوّن أجنحتها بالألوان التي تحبينها، أطرزها على خمارٍ لكِ، وأنا أسمع ضحكتكِ الرائقة وأنتِ أمامي تماما!!
نحن الآن في الربيع...
أريد شيئا من النسمة التي لامست خديكِ، وأنت تمرّين أمام شرفتي، وشيئا من نور هرب من عينيك، أُضيء به كلماتٍ تغفين عليها كلّ ليلة!!
1- نحن الآن في الربيع...
أريد أن أقرأ فنجان القهوة التي شربتيه آخر مرة؛ سأفسر لكِ جميع الأحلام، وأحذرك من الأخبارالسيئة، لأرى الدهشة على وجهك وأنتِ تقرأين هذه الرسالة!!
من الآن سأتعلم كيف أحرس ذكرياتي في حكايات الربيع التي لا تنتهي!!
قاحلٌ من دونك هذا الربيع!!!

2- يؤلمني حذائي!!
يلتفت حوله كأنه يبحث عن شيء ضاع منه، ينظر نحوي يحاول أن يناديني باسمي، لا أحد هنا تناديه!! كنت قريبا وأبعد من نجم!!
صار كتائهٍ يخاف المجهول، يحاول أن يلتقط بقايا أنفاسه
؛ ليبحث عن كلام يقوله، أكانت تعوزه الشجاعة، أم هو سلطان الخوف والموت الأقوى؟!
كنت أحاول أن أقترب إليه، لكني أشعر كأنّي أهرب منه ومنّي !! صار يبدو غريبا عنّي وعن المكان…ثم أصابني تبلد وأنا أنظر إليه وهو يتلاشى مفزوعا كالغريق، كنت أجبن من شيطان وأنا أتأمله وذراعاه تتخبطان في الفراغ ، وأسأل نفسي كيف كان يمكن ان أساعده؟! وبقيت اسأل نفسي… كل هذا رأيته كأنّه في منام … كيف أفهم هذا؟! وعقلي يكاد يهرب منّي!!
سيفزعكَ أن تترك من يحبونك لوحدهم ظمأى و خائفون!!
ليس المعنى أن تكون في النهاية حزينا، سيكون الحزن عارضا لندمٍ يلازمك، يختبئ في كهف رأسك، ويتلفع بالسواد؛ ليبقى متخفيّا و يؤلمك، ستبحث عنه فيروغ منك، تشعره ولا تراه كماسٍ كهربي يرجّك بقسوة، ثم يدعك، ثم يرجّك، سيكبر ويصير أكبر من كل الندم وكل الخوف!!
لو أنهم تركونا لوحدنا كنّا سنقلد النحل والطيور، كنّا نبتنا في الشقوق كأزهار برية تزيّن وتعطر الطريق!! أكان عليهم الاعتذار لحلم الأمس، لخيبتهم، لهزيمتنا؟! لكنهم كانوا يصرّون أن نتلقّن أفكارهم كتلاميذ أغبياء لا نفكر!!
ظلّت الأفكار تومض في رأسي كأنها في فراغ ، كرعشات متتالية، فأرى كم هذا العالم فظيع ومخيف!!
ثم أخذت فكرة واحدة تنمو كالشوك في رأسي… لو أنّي قطعت ثلاثين عاما إلى الأمام لأرى كيف سيكون حال الإنسان وعلاقته بالموت بالحب بالحياة بالسماء، بالشجر بالبشر!!
هل بإمكان الموتي أن يعيدوا مشهد موتهم، لنبقَ نراقبهم من بعيد ونعتذر لهم كل مرة؟!!

3- شرود!!
لو أنّي لا أخجل منها، كنت سألتها عن سر الشرود في عينيها، وأنّ ملامح الحزن لا تليق بها، وأنّي حائر من حيرتها!!
وأنّ الهواء سيعانق ويلوّن قلبها!! فلماذا تخشى أن تفتح نافذة مغلقة؟!
كنت قرأت من خطوط وجهها كلاما ليس كأي كلام، كلاما أعمق من أيّة قصيدة غرام!! كلاما يشبهني ويشبهها!!
لأكتشف سر شرود عينيها!! ولماذا تطول المسافة بيني و بينها؟!
وانّه يخشى الوعود، كأن لا تمر كما وعدته آخر مرة، ويسأل: لمن سيكون قد جمّع كلّ هذا الفرح، وكل الأشعار التي يشتهي أن يحكيها لها!!
ولكي لا يتعبه قلبه؛ ستطير منه رسالة فيها الفرح والأشعار، وتطول فيها كلمات العتاب، ومفاجأة يخبئها إلى النهاية!!
أنّه ما كان ليكتب لها هذه الرسالة، إلا ليخبرها أنه ما زال يحبها!!

4- المساء السريع!!
لمحكِ في هذا المساء السريع… وأنتِ تنقلين خطاك واثقة واحدة تلو واحدة، تنقرين قلبه وبلاط الشارع...هكذا تمشي الغزالة!!
لو أن المشهد يطول… لو أن شيئا يسقط منكِ فيلتقطه، ويقدمه لكِ وهو يبتسم كما كان يشاهد في الأفلام القديمة!!
ثمّ تتطور العلاقة وتجلسان في حديقة عامة، ترتشفين القهوة، وأنتِ تخبئين ضحكة، من خجله وهو يتحسس أزرار قميصه، ولا يستطيع ترتيب جملة واحدة!! ثمّ يفزعكِ شيئا فجأة؛ فتخافين وتهربين نحوه… عندها ستشاهدين ماذا سيفعل؟!
سيكون كأبطال الأفلام سيصرع عشرة، ويصيب عشرة، ويفرّ الباقين، ولا يُصيبه خَدْش واحد!!
لو توقفتِ قليلا كان سيمنحكِ ما خبأه لكِ في قلبه!! لن تصدقي ما خبّأه لكِ!!
كان المساء سريعا، لكنّ الشوارع التي تمرين بها لن تنساكِ!!
بقلم: محمود حسونة (أبو فيصل)