العالم بين نظرية ما بعد الحداثة ونظرية ما بعد كورون بقلم:د.سعيد عياد
تاريخ النشر : 2020-03-25
العالم بين نظرية ما بعد الحداثة ونظرية ما بعد كورونا/ بقلم د. سعيد عياد
ربما المجال هنا لا يتّسع للتّحليل المطوّل للموضوع، لكن حينما نرى بعمق كيف أنّ فيروسا مجهريا، شلّ العقل البشري، ربما سيمكننا ذلك من اكتشاف الوهم الحداثي، الذي أعقب فيروس 1918، وقتل خمسين مليونا من البشر، فمئة عام من الحداثة والتّطوّر العلمي والتّكنولوجي لم تمنع زحف كورونا 2020. وأنّ هذه الحداثة كان يقف خلفها الجشع الاقتصادي، وتقسيم العالم لضّعيف مستهلك في أغلبه، وقلّة تُسيطر عليه بوهم الحداثة وإقناعه بذلك ليقبل الهيمنة، ويعيد إنتاج هذه الهيمنة وكأنّه أنشاها أي العالم المستهلك.
أظن أنّ نظرية ما بعد الحداثة قد انكشفت وانهارت، فهي لم تنتج منظومة صحيّة رصينة بل هشّة متهاوية، ربما أنتجت ترسانة مرعبة من أسلحة قتل البشر وعجزت عن حماية صحتهم. ليجبر العالم على العيش فيما بعد الكورونا. هل عالم ما بعد كورونا هو عالم الرّجوع إلى نمط حياة الإنسان الأول في الغابات؟ ام أنّ نظرية الحياة والموت أي الولادة ثم الكهولة ثم ( الفناء ) بالمعنى المجازي لدول أنتجت وهم الحداثة، لتشرب من الكأس الذي جرّعته لشعوب الأرض عبر استراتيجية إقناعه بالوهم وتصديقه؟
ربما يخالفني البعض الرأي:، فيقول: إننا لا يمكن أن ننكر التّطور التكنولوجي. فأقول: هذا صحيح ولكن هذا التّطوّر لم يقض على فارق مائة عام بين فيروس 1918 وفيروس 2020، وهذه التّكنولوجيا قد سلبت العقل البشري وأصبح الجميع مجرد ريبوتات يلاعبها فيروس غير مرئي لعبة القط والفأر.