لمواجهة الوباء .. نحتاج للتكامل بيننا بقلم:خالد صادق
تاريخ النشر : 2020-03-25
لمواجهة الوباء .. نحتاج للتكامل بيننا بقلم:خالد صادق


لمواجهة الوباء.. نحتاج للتكامل بيننا
خالد صادق
الى الان ما زالت غزة صامدة في وجه الوباء «كورونا» الذي يهدد العالم ويستشري فيه , ولم يتم الكشف عن أي اصابة داخل قطاع غزة بوباء «الكورونا» سوى شخصين قادمين من باكستان تم حجرهما من داخل معبر رفح الحدودي وثبت سلامة الاشخاص الذين تواصلوا معهما, فحكومة المتابعة بقطاع غزة تتعامل مع الوباء بمسؤولية كبيرة, وتحاول ان تمنع انتشاره في القطاع من خلال اتخاذ اجراءات وقائية احترازية, فهي انشأت معسكرات للحجر الصحي في القطاع , ووفرت وسائل للراحة في اماكن الحجر وفق الامكانيات المتاحة, ونقلت المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة الى الفنادق, ومنعت الاسواق وصالات الافراح واماكن التجمعات وكل هذه اجراءات «استباقية» الغرض منها منع تفشي المرض في قطاع غزة الذي يعاني من مشكلات حياتية ومعيشية كبيرة, بفعل الحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزة والعقوبات التي تفرضها السلطة والتي أدت لانهيار القطاع الصحي, وعدم توفر الامكانيات اللازمة لمواجهة هذا الوباء, حتى منظمة الصحة العالمية لم تقم بالدور المنوط بها لحماية اكثر من 2 مليون فلسطيني في القطاع, ولم تسد الاحتياجات اللازمة لسكان القطاع حتى الان, ويعاني قطاع غزة المحاصر منذ منتصف العام 2007 من ضعف عام في مجال تقديم الخدمات الصحية ونقص في الأدوية والمستهلكات الطبية بنسبة عجز تصل إلى 45%، بحسب تقدير وزارة الصحة بغزة, وهذا الواقع المعيشي الصعب الذي يشهده القطاع يفرض علينا عدة حقائق علينا معالجتها فورا, فما يصلح في كثير من دول العالم لا يصلح في قطاع غزة لأن القطاع يعيش حالة فقر وبطالة غير مسبوقة.

اولا : هناك دعوات لسكان قطاع غزة بالمكوث في بيوتهم وهذا بالتأكيد لا يصلح في قطاع غزة, لأن كثيراً من الناس يخرجون للبحث عن قوت يومهم, وقد يقتلهم الجوع اذا امتنعوا عن الخروج للبيع والشراء, وهذه الحالة مستشرية ومتفاقمة بين سكان قطاع غزة, ومثال على ذلك بالأمس كنت قادما من خانيونس الى غزة عبر سيارة اجرة, وعلى مدخل دير البلح اشار احد المارة الى السائق يريد ان يستقل السيارة لمخيم المغازي, وقد بدا عليه التعب والاعياء, وقال للسائق ليس معي الا شيكل واحد فقط, وقدم اتيت من لجنة زكاة خانيونس الى دير البلح مشيا على الاقدام, ذهبت لأطلب المساعدة منهم لان بيتي لا يوجد به شيء, واخبروني انه ليس لديهم ما يعطونه له .. وبكى.. وظل يدعو الى السائق الذي وافق على ان يقله في السيارة بشيكل واحد فقط اقسم انه لا يملك غيره, هذه حالة من عشرات الاف الحالات في قطاع غزة, فكيف يمكن لهذا الرجل ان يمكث في بيته, وماذا يفعل لإطعام اولاده الذين يبكون من شدة الجوع, وهل يمكن لكورونا «اللعين» ان يقنعه بالجلوس في البيت, فما يصلح لدى دول العالم لا يصلح في غزة, حتى البنوك في قطاع غزة عندما تأتي حوالة من الخارج من ابن لامه, او اب لابنه, او زوج لزوجته, مهما كانت الحوالة قليلة, فإنه يتم التحقيق مع من يريد استلام الحوالة عن صلة القرابة, وطبيعة عمل مرسل الحوالة, ومن أي جهة اتت واين ستذهب, وما لم يقدم اجابات واضحة يتم اعادة الحوالة الى مرسلها وحرمان المرسلة اليه منها, هكذا يتعاملون مع غزة لأنها لم تخضع لأحد, وتقاوم الاحتلال, وتصمد في وجه الحصار, وافشلت اهداف العدوان في حروب عدة.

ثانيا: غزة لا تستطيع مواجهة تفشي المرض لا سمح الله في حال انتشاره, بسبب الاكتظاظ السكاني, وانهيار القطاع الصحي, وقلة الامكانيات المادية والتقنية, وعدم توفر اماكن حجر مزودة بالمستلزمات الطبية واجهزة التنفس والبدلات الخاصة والاقنعة والكمامات الملائمة وبالتالي هذا لا يسمح بمواجهة الوباء ومنع تفشيه.

ثالثا: غزة لا تستطيع التواصل مع الخارج فهي لا تتلقى المساعدات العاجلة من الدول لأن حدودها مغلقة تماما, ولا يوجد بها مطار او ميناء لاستقبال المساعدات عبر المجال الجوي او البحري مباشرة, فالاحتلال الصهيوني يتحكم في كل ما يدخل للقطاع, فيمنع ويسمح وفق رؤيته دون ان يستطيع احد ان يفرض عليه شيئاً.

وامام هذا الواقع الصعب الذي يعيشه قطاع غزة, ليس لنا من ملجأ الا الله عز وجل, فهو خير حافظا وهو ارحم الراحمين, وشعبنا دائما يتوحد في الملمات ويتلاحم في الازمات, ويتعاون للتغلب على الاخطار التي تحدق به, لذلك نحن في حاجة الى التكامل والتعاضد فيما بيننا, فالعالم كله تخلى عنا, ويتعامل مع غزة على انها خارج مدار الارض ولا ينظر اليها ابدا, شعبنا وحده قادر على مواجهة الوباء وقهره, فقط نحتاج الى التكامل بيننا.