زهيدة وطن بقلم: هاله درويش
تاريخ النشر : 2020-03-25
ها هي أوطاني، هاهي بلاد العُرب، من شمال ّوجنوبٍ شرقٍ وغربٍ، هاهي أشلاء المجازر خُمِدت ، منابعُ واندلاعات الحروب والمناوشات وغيرها وغيرها أُغلقت فوهتها.
سأتكلم عن وطنٍ وشعبٍ وقوةٍ وأنتهز هذا المطاف، سأكون أنا الأوطان وأوجاعُ الأنين وضحكات الرنين وصيحاتُ الباكيين.
أنا بغدادٌ وقدسٌ وميدان الشام، أنا اصوات الشوارع والطرقات و أزقة ذلك الريف العتيق في اليمن، أُكلمكم وأنا مدينةٌ تبوح بمشاعرها، كمصرٍ و تونسَ ومحراب الجزائر العريق ، الاردن ولبنان وريحان ليبيا العتيق، أُنشدُ أمنياتي من شبه الجزيرة وأُقبّلُ السلام في ساحات القتال، بلادُ العُربِ اليوم تخمدُ أوجاعها كأمطارٍ على حرائق هائمة، تستقيم طرقاتها وتشق حزنها الى أشلاءٍ وتُخفي مسامعَ شعبها وتعزفُ هِدنة من قباب المساجد وحتى آخر نقطة من حدودها الوهمية بينهم، إنني الوطن العربيّ، إنني السلام في سمائها وصديقة الطرقات الفارغة الآن.
سأكون صدى الشعوب وأفواهُ المغنيين وكلمات الكاتبين، جروح الغائبين و شعور المفقودين، أطفالُ الحروب و أطفال الربيع، شعوذاتُ المدافع وبكاء الأمهات، أنا شعبٌ متفرق شعبٌ عربيّ وتاريخٌ أبديّ، أرواحٌ متشابكة ومدامعٌ زاهدة وبغيظة الثمن، إنني أدخلكم في متاهةِ الحاصل والشيء المذعور، هُنا بأسمي كشعبٌ عربي أصرخ من منبري هذا وأقول كفى ألماً واستيطاناً لأفراحنا ، صدى اصواتنا أصبح مسموع جداً ، وأخمدت أصوات المدافع وطلقات الرصاص ، وتآكلت الشوارع وتقلصت بغيابنا عنها، نحنُ داءاً ودواءاً.
بعث لنا الله كائنات صغيرة تكسي العالم بأصاباتها و تخمدُ الحروب بيننا ونستقلُ على حظرِ تجولٍ يطفىء أعداد المستشهدين و يشفي جروحَ المتضررين، إنها خيرٌ و ضررٌ، وراحةٌ ووجعٌ.
سأتكلم بناءاً على كوني أوطانٍ وشعوبٍ ، سنحيا من جديد، ونحن متحدين لا متفرقين بشيء لاسيما وأنه خطير، لربما وجود هذا المرض يذعر قوامُنا ، لكنه أضعفَ التحركات العنصرية و أكدّ على حبنا لبعضنا الآخر ، سلطانٌ كان أم مواطنٌ، نحن أُمة ستتوحد في خيرٍ ولربما في ألمٍ، نحن وطن مقسم في أقسامٍ على صفحات الخريطة فقط، نحن قلبٌ ينبضُ بدمٍ واحد، نحن القوة والسيطرة في تلاشي كل الدمار بضحكاتٍ شجنة وموسيقى وأنغامٌ عذبة وصخبة نوعاً ما، وكما قال الدرويشيّ سجل أنا عربيّ، وجارَ الوقت وأكملوا بصوتِ الشعوب بتمتمات أناديكم، وأفصحت الأنغام بصوتِ البلاد وقالوا بلاد العرب أوطاني، وسنغيشُ بلا مستحيلا.
وكوني أنا أبنة الأردن العريق
أحيي شعبها ومليكها وجيشها العربيً في ظل هذه الصعوبات