" نعيمة السياغي " فنانة استهوتها الطبيعة بجميع ألوانها و أشكالها، فاستطاعت بألوانها البهية اختراق صمت الطبيعة والتعبير عما يروم في وجدانها من هواجس وتخيلات و أحاسيس لتغيير هذا الواقع البيئي بإيحاءاتها الشاعرية الحالمة، حيث لم تجد أمامها من سبيل إلا لغة اللون كلغة كونية مشتركة و أداة للتواصل مع محيطها وتحقيق طموحها وأمنيـاتها بدل اللغة المتعارف عليها بنقل هذه الإحساسات والإيحاءات، هي غذن فنانة جادة وعاشقة بعمق للانطباعية، ترسم كل ما تقع عليه العين و يشغف إليه القلب، انطباعية تقوم على تسجيل الانطباع اللحظي الطبيعي الذي تقع عليها عينها، ودون عناء تقوم بإعادة تشكيل عناصره و توزيعها عبر مساحات اللوحة في تناغم لوني وضوئي مفحم بالحيوية و الروح، يكشف عن تداخل وتقاطع ضربات الفرشاة بشكل متوازن، يعبر عن هدوء وصفاء روح الفنانة و سموها النفسي، واضعة أدق التفاصيل المفضية إلى هارمونية عالية، تجعل من المتلقي يشعر بأنه أمام لوحات متحركة و ناطقة، إنها البصمة التي ميزت " نعيمة السياغي " من خلالها أعمالها، ( حركية اللوحة و لغتها ) مرسخة موقعها داخل الحقل التشكيلي المغربي من خلال مشاركتها في عدد من المعارض بدءا من سنة 2008 بكل من آزمور و الجديدة و العرائش و البيضاء و بني ملال و الصويرة و سيدي بنور، أعمال تنم عن موهبة فذة متقدة ومتمرسة تستقي قواعدها من الانطباعية التي لونت مدلولاتها التشكيلية بأكبر قدر من التكثيف والإيحاء ونبض المشاعر الصادقة. تقول عنها " نسرين الصافي " محافظة آثار مدينتي الجديدة وأزمور بالمديرية الإقليمية لوزارة الثقافة بالجديدة " نعيمة السياغي فنانة شابة موهوبة، وإنسانة صادقة، جدية، متواضعة مثابرة طموحة وذات أخلاق عالية... سبق لي التعامل معها في العديد من المناسبات من خلال مشاركتها في معارض تراثية جماعية بالحي البرتغالي بمدينة الجديدة، في إطار الاحتفاء بشهر التراث الثقافي رفقة مجموعة من الفنانين التشكيليين الشباب من إقليمي الجديدة وسيدي بنور، تترجم أعمالها الفنية في كل مرة صدقا وعمقا كبيرين، وجمالية خاصة في ترجمة الأشكال والألوان، إلى جانب الاعتناء بأدق التفاصيل، وهو ما يعبر عن رهافة حسها وعمق نظرتها للأشياء، " . و إذا كانت " نعيمة السياغي " قد استخدمت ألوانا عبرت من خلالها على وهج الطبيعة و جمالها في أحلى تجلياتها وفق تدرجات لونية على شكل نوتات موسيقية دافئة و عذبة تداعب من خلالها خيال المتلقي و تجعله يشاركها هذا الحس الجمالي المرهف و العشق اللامنتهي، فإننا نجدها لصيقة بما هو تراثي اصيل، مستنهضة بتقنيتها العالية مكانته في زخم ما هو محدث و معاصر، كنوع من الاحتفاء بهذا التراث الذي بدا يتلاشى بيننا في صمت، خاصة فيما يتعلق بالمرأة من عادات و طقوس و ملابس و حلي و أواني طينية أو نحاسية، محاولة استدراج المتلقي لعالم طفولتها و طفولة أمهاتنا و هويتهم المغربية، كنوع من الاعتراف و التكريم لشخصهن. فهي رغم ميلها للتبسيط فقد استطاعت من خلال ألوانها الفلكلورية و التراثية المتداخلة فيما بينها ( الأبيض و الأزرق و الأخضر و البني و الأصفر ) أن تشد المتأمل لها من خلال حوار بصري نسجته ضربات فرشاتها عبر مساحات اللوحة و فراغاتها عاكسة جمال الطبيعة و مكوناتها من بشر أو حيوان ( الفرس).
على العموم، يمكن التأكيد على أن تجربة الفنانة التشكيلية " نعيمة السياغي " و التي تسعى من خلال مسيرتها الفنية التي ابتدأتها كعصامية لتطورها بالبحث المضني و العمل الجاد بدعم من أساتذتها،حيث طافت عبر العديد من المدارس الفنية إلى وجدت ذاتيتها في المدرسة الانطباعية خصوصا لمونتغريون لكلود مونيه، كما استلهمت عشقها هذا ايضا من تشكيليين مغاربة من قبيل الفنان التشكيلي العالمي أحمد بنيسف و مصطفى غماني إلى جانب الفنان الليبي عمران بشنة، محتفية باللون في كامل زينته، و بما تنسجه فرشاتها من أعمال نابعة من دواخلها تبعث على الأمل و الحياة وفق حس شاعري ساحر، فرغم عصاميتها فقد استطاعت كسب احترام وود كل المهتمين بالفن التشكيلي من فنانين و نقاد، و لعل ما يمكن أن نسجله في حقها ما قاله عنها أستاذها في المادة و أحد مكتشفيها خالد الكحلاوي " هي فنانة من بين باقي الفنانات التشكيليات التي سطع نجمهم بمدينة آزمور خلال السنوات الأخيرة، كأول موهبة اكتشافتها بإعدادية للاحسناء، فوجدت فيها الفتاة المجدة و المثابرة التي لا تكل من البحث و التنقيب إلى أن وجدت لمستها الخاصة بها في الساحة التشكيلية و هي اليوم من بين اللواتي يمتلكن إمكانات هائلة، و كل ما يجب علينا كأساتذة للمادة إلا أن نشجعهم و نعبد لهم الطريق كخلف لخير سلف "
