القاعدة النبوية في التوجه إلى الله بالدعاء والذكر بقلم: الحبيب خميس بوخريص
تاريخ النشر : 2020-02-27
القاعدة النبوية في التوجّه إلى الله بالدعاء والذكر

الحمد لله رب العالمين، نحمده ونشكره ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فماله من هاد، وأشهد أنّ محمدا عبدالله ورسوله صلّى الله وسلم عليه وعلى آله، أرسله الله تعالى مُبشِّرا وهاديا ونذيرا ورحمة للعالمين وسراجًا منيرًا، من اتّبعه وسار على هُداه فقد فاز، ومن ضلَّ فقد خاب وخسر.

وبعد ...

إنّ أوراد الذكر المتّبعة عند أصحاب الطرق التي يتّبعها كثيرٌ من المسلمين هي: الاستغفار ثُمّ  الصّلاة والسّلام على النبيّ ثُم ذكر الكلمة المشرفة وهي لا إله إلا الله، وإنّ القاعدة النبويّة الصحيحة في التوجّه إلى الله تعالى بالدعاء هي : الثناء على الله، والباقيات الصالحات هي أفضل ثناءٍ وتمجيدٍ للمولى سبحانه وتعالى، ثم الصّلاة والسّلام على النبيّ، ثم الدعاء (والاستغفار: دعاء)، والدعاء عبادة، وهو من الذكر، وذِكْرُ اللهِ تعالى وتسبيحه عبادة،  يتوجّه المؤمن بها إلى الله تعالى راغبًا قُرْبَهُ وَوِلَايَتَهُ وحِفْظه وَرِعَايته، فوجب على المؤمنين اتّباع هذه القاعدة في الدعاء والذكر.

عَنْ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدِ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ: (عَجِلَ هَذَا)، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ - أَوْ لِغَيْرِهِ -: (إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ) حديث صحيح رواه أبوداود والترمذي.

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مَعَهُ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَدَأْتُ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ، ثُمَّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ دَعَوْتُ لِنَفْسِي. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ -: "سَلْ تُعْطَهْ، سَلْ تُعْطَهْ " حسن صحيح - رواه الترمذي.

ولقد تقدّمت برسالة إلى سماحة مفتي الجمهورية التونسية حيث كنت في زيارة إلى تونس، مُرفقًا معها بحثًا أوردت فيه (أساس الطريقة – هدي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في التسبيح - وجوب اتّباع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم)، وطلبت من سماحته إبداء رأيه الشرعي في ما طرحته، تصحيحًا للمفاهيم الخاطئة التي انتشرت بين المسلمين، ولقد ردَّ عليّ فضيلته مشكورًا برسالة ٍ بيّن فيها فتواه بالخصوص، ولقد سبق لي أن تحصلت منه على إجازةٍ لكتابنا الطريقة المحمدية للذكر والتسبيح .. محبّة واتّباع، لا ادّعاء وابتداع. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

قَالَ الْفُضَيْل بْنُ عِيَاضٍ: (إنَّ الْعَمَلَ إذَا كَانَ خَالِصًا، وَلَمْ يَكُنْ صَوَابًا، لَمْ يُقْبَلْ، وَإِذَا كَانَ صَوَابًا وَلَمْ يَكُنْ خَالِصًا لَمْ يُقْبَلْ، حَتَّى يَكُونَ خَالِصًا صَوَابًا. وَالْخَالِصُ: أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ، وَالصَّوَابُ: أَنْ يَكُونَ عَلَى السُّنَّةِ، وَذَلِكَ تَحْقِيقُ قَوْله تَعَالَى "فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا") الفتاوي لابن تيمية رحمه الله 1/333.

نسأل الله تعالى أن يكون عَملنا خالصًا لوجه الكريم وابتغاءً لأجره العظيم وحُبًا في رسوله الصادق الأمين سيّدنا محمد صلّى الله وسلّم عليه وعلى آله  وكلّ من والاه  وسار على نهجه واتّبع هُداه.