الغيرة المدمّرة بقلم: زينة محمد الجانودي
تاريخ النشر : 2020-02-26
(الغيرة المدمّرة)
بقلم: زينة محمد الجانودي
الغيرة هي مجموعة من الأحاسيس والمشاعر والأفكار التي قد يختبرها كلّ إنسان وتكون طبيعيّة وإيجابيّة إذا كانت في حدود المعقول وإذا كانت حافزا للوصول إلى النّجاح والتعلّم والتطوّر. أمّا عندما تتخطّى الحدود الطبيعيّة وتسيطر على الإنسان تتحوّل إلى رياح عاتية تأكل صاحبها وتسلبه راحة البال، وتغرقه في فيض من القهر، وتقتلع جذور عقله.
والغيرة تنتشر بين النّساء أكثر من الرّجال، لأنّ المرأة مخلوق حسّاس بطبعه ويمتلك مشاعر مرهفة غير تلك التي يمتلكها الرّجل، فدائما ماتغلب على المرأة العاطفة والقلب قبل العقل، ولا تستطيع تخزين المشاعر بداخلها، فمشاعر المرأة أظهر من مشاعر الرّجل، بينما مشاعر الرّجل تكون أعمق،والغيرة المدمّرة عند النّساء والتي قد تتحوّل إلى حالة مرضيّة قاتلة هي غيرة المرأة من المرأة، وتعدّ من أشد أنواع الغيرة إيلاما وتعذيبا للذّات، لأنّها تصل في بعض الأحيان إلى حدّ الحقد والكراهيّة والعدوانيّة والإضرار بالآخرين بمحاولة تدميرهم بكلّ الوسائل والسّبل.
ولابدّ من ذكر أهم الأسباب والمواقف التي تؤثّر بالمرأة وتؤجّج مشاعر الغيرة المدمّرة هذه عندها :
أولا- طريقة التّنشئة الاجتماعيّة: فالموروث الاجتماعيّ لديها يكون قائما على القِيَم والتّربية الذّكوريّة، فيجعلها تخاف دائما من المرأة النّاجحة والذكيّة وذات الشخصيّة القويّة، فتشعر بالدّونيّة تجاهها، وتغار منها وتعمل على اختلاق المشاكل والمعوّقات لتحطيم نجاحها.
ثانيا - التعرّض لصدمات قويّة: هناك بعض العوامل النفسيّة والشخصيّة التي تنمو وتتطوّر عند المرأة، بسبب مواقف مؤلمة خاصّة أو سقطات شديدة حدثت لها وتبقى عالقة عندها فتولّد لديها شعورا بالغيرة المبالغ فيها من غيرها نتيجة للشعور بالنّقص وعدم الأمان فتسيطر عليها عواصف الغضب والقلق والتوتّر ولاتستطيع مقاومتها والتغلّب عليها وتنْفِر من الأخرى لمجرّد كونها تتميّز عنها بصفة ما، فتنتقدها وتسخر منها وتنظر إليها نظرات مليئة بالحسد.
ثالثا- قلّة الثّقة بالنّفس: وهي أمر مهمّ جدا لأنّها من أهمّ الأسباب التي تؤدّي إلى غيرة المرأة من غيرها، فتشعر بأنّ غيرها أفضل منها مماّ يولّد شعورا لديها بالخوف والحزن وقد يتفاقم للشعور بالإنطوائيّة والاندفاعيّة تجاه غيرها من النّساء باستخدام أساليب غير لائقة معهنّ، وتحاول التّفريق بين الأصدقاء والأحباب، ممّا يدفع بها إلى حضيض الغيبة والنّميمة ونشر الأقاويل والشّائعات.
ولمقاومة هذه الغيرة المدّمرة يجب أن تبذل المرأة جهدا استثنائيّا لتتخلّص من شعورها بالغيرة وذلك باتّباع عدّة طرق تساعدها على العناية بذاتها وتعزيز ثقتها بنفسها مثل:
1_قراءة الكتب وحضور النّدوات التي تزيد الوعي والنّضج لديها، وتجنّبها الشّعور بالنّقص.
2_ تصالح المرأة مع نفسها، ومعرفة مواطن القوّة عندها، وفهم الأسباب التي تجعلها تشعر بعدم الثّقة، والسعي لإيجاد حلول فعّالة لها.
3_ الاعتراف وهو نصف الطّريق باتّجاه تحسين السّلوك، فالاعتراف بأمر خاطئ يعني العمل على تحسينه.
وبالتالي لابدّ للنّساء أن يرتبطْنَ ببعضهنّ البعض، وأن تدعم كلّ واحدة منهنَّ الأخرى، ولا يجب عليهنَّ تمزيق بعضهنَّ إربا... ولابدّ للمرء بشكل عام أن يكون صادقا مع نفسه، ويعمل بأخلاقه الحسنة، فلا يسمح لمشاعر الغيرة أن تسيطر عليه، بل أن يتحلّى بالقناعة ويعمل على الحفاط على مالديه ويسعى دائما لتغيير ظروفه نحو الأفضل، وعدم تركيز اهتمامه فقط على الأشياء التي يفقدها ويمتلكها غيره، ويحاول ضبط سلوكه، وعدم إيذاء مشاعر من حوله.