رحيلُ بدر بقلم:هالة محمد درويش
تاريخ النشر : 2020-02-26
كنت بالخامسة عشر من عمري، سمعت صراخا ليس بصراخا عاديا انه اشبه بالوجع، لفت انتباهي ملامح امي، دموع مقلتاها، اقدامها المصتحبة بالارتجال، ذعرها المخيف وكأنه انهيار جبال على مدينة مسكونة، بدأتْ بالبكاء بروحٍ مُنهكة ثم قالت توقف نبض جدكم،بَدتْ لي وكأن الشمس اغلقت سِتار الحياة وأعلنت ظلامها، في وقتها لم اصدق ان تلك اليدين المجعدتين فارقتا يداي، كأنها احلام يقظة تداعبني اليس كذلك!رأيت نعشه مرفوع على اكتافهم، إنهم يرددو ادعو له بالرحمة، كان مشهدا مخيفا مريعا جدا.
جلستُ أُراقبْ إنهيارات مَنْ حولي كأنهم يطفئون شموع دربي المضئ، ناجيت الله بأن يكون ذلك حلم، أريد فقط الاستيقاظ. رفعوا عن وجنتيه ذالك الغطاء الابيض الذي احتضن جسده الهرم، انه نائم نومه لا نهاية لها، لا استطيع ان ايقظه، انه لا يتكلم حتى، ولا يستطيع ان يضمني بين ذراعيه فاصبحتا كالجليد، أصابني الذعر وكأني بين حشودٍ كبيرة، انني خائفه جداً من فقدانه.

رحل نعشه سريعا تعجبت من هذا، ثم تذكرت انه لا يحب ان يرى الحزن ملبوسا في اعيننا، لكن لم يكن قادرا على نطقها . اكاد سماع ضحكاته الى الان كصدى في اذني، ذلك الصوت الخشن، كل هذا في مخيلتي،
فقدت الطمئنينة، و اصتحبت الهشاشة روحي، هذه اخر لحظة ستكون بجواري يا بدراً يُنيرُ ظلماتي،
وداعا ايها الجسد فَ رُوح جدي ستكون بجوار الطفلة التي تحبه هكذا قالوا لي، أحبك جداً.

طفلتك المدللة