الجولة الرابعة، أو بقلم:عمر حلمي الغول
تاريخ النشر : 2020-02-24
الجولة الرابعة، أو بقلم:عمر حلمي الغول


نبض الحياة 

جولة رابعة، أو 

عمر حلمي الغول 

المتابع للمشهد الإسرائيلي يصل إلى نتيجة سياسية وعلمية في آن، ان الدولة الكولونيالية، التي تعيش افضل لحظات حياتها خلال عقود وجودها السبعة الماضية إقليميا ودوليا، تعيش في الوقت ذاته أسوأ لحظات تاريخها على الصعيد الداخلي، حيث تتفشى التناقضات بين مختلف القوى والكتل الحزبية، التي تتنفي بينها المعايير الطبقية الإجتماعية، وتتمظهر على السطح الحسابات الحزبية الضيقة، وقبلها المصالح الشخصية، التي باتت تقرر مصير الدولة برمتها نتاج الفساد، والتراجع في مركبات البناء الفوقي بسبب تسيد الخطاب الشعبوي، والغوغائية، وتضخم "الأنا" على حساب الدولة والمشروع الصهيوني الإستعماري. 

هذا الإستخلاص الناجم عن عدم التحرك قيد انملة بين مركبات الإئتلافين الرئيسيين: كتلة اليمين بزعامة بنيامين نتنياهو، وكتلة يمين الوسط بزعامة بيني غانتس، وتخندق حزب "إسرائيل بيتنا" في موقعه، وتمسكه برفض المشاركة في حكومة مدعومة من قبل القائمة المشتركة، وفي ذات الوقت، رفضه التعاون مع كتلته الأصلية، اليمين بسبب وجود نتنياهو على رأسها، وأضيف مؤخرا سبب آخر، هو التنافس والتناقض مع نفتالي بينت، وإنتقال التناقض إلى الدائرة الشخصية. كما ان زعيم تكتل "كاحول لافان" إنساق في ذات المتاهة، وأعلن اكثر من مرة رفضه التعاون مع ممثلي القائمة المشتركة، وذلك بهدف كسب اصوات اليمين واليمين المتطرف، أو على أقل التقديرات إبعاد "شبهة" التعاون مع القائمة الفلسطينية الإسرائيلية، التي لم يتوانَ زعيم الليكود من إثارتها في كل منبر يصعد عليه، وبات التحريض على الفلسطينيين العرب لازمة ثابتة في خطاباته التحريضية العنصرية ضد الجماهير الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقفب ومدن الساحل، وهو ما يعزز مكانة المشتركة في اوساط الجماهير الفلسطينية، ويستفز مشاعرهم، ويستنهض نوابض هويتهم الوطنية. 

هذا المشهد لو توقفنا امامه قليلا، يوصلنا إلى إستنتاج ووفق إستطلاعات الرأي الإسرائيلية الأخيرة، ان إمكانية تشكيل حكومة جديدة في اعقاب انتخابات الكنيست ال23 في الثاني من آذار / مارس القادم، أي بعد إسبوع من الآن شبه مستحيل، ولا اقول مستحيلا، لإن إمكانية حدوث مفآجات في اللحظة الأخيرة، هو إمكانية واردة. مع ذلك، التحليل العلمي والواقعي حتى اللحظة المعاشة، تشير إلى صعوبة إحداث إختراق، لإن اي من قوى اليمين المتطرف يرفض المشاركة في حكومة برئاسة زعيم "أزرق ابيض"، وايضا القوى المحسوبة على يمين الوسط، وما يدعى باليسار ميرتس وحزب العمل والقوى المتعاونة معها لا تقبل التعاون مع اليمين بزعامة نتنياهو. وبالتالي النتيجة المنطقية سيكون التوجه لإنتخابات برلمانية رابعة. 

لكن من الممكن إحداث نقلة نوعية في المشهد الإسرائيلي، وإرغام كتلتيه اليمين ويمين الوسط ومعهم افيغدور ليبرمان وحزبه على التسليم بالتعاون مع القائمة المشتركة في حال تجاوز عدد مقاعدها في الكنيست القادم ال15 مقعدا. عندئذ لن تستطع اي من القوى الصهيونية مواصلة سياسة التهويش والتحريض العنصرية بالشاكلة القائمة، وسيراجع بعضهم خياراته النفعية ليضمن تشكيل الحكومة مدعوما من النواب الفلسطينيين العرب. 

وبالمناسبة لو كان نتنياهو في موقع غانتس المبتدىء في عالم السياسية، لما تردد في توقيع إتفاق مع القائمة المشتركة، ولأوجد لها الف تبرير وتبرير لتسويقها. ولكن زعيم "ازرق ابيض" إضافة لكونه مبتدىء، فهو ضعيف، وتركيبته الإئتلافية مشوهة، ويخشى منها أكثر مما يخشاه من ليبرمان. مع ان بعض رموزها الأكثر يمينية حاولت مد الجسور مع القيادة الفلسطينية، غير أن الأمور على ما يبدو لم تصل إلى ما تطمح تلك القيادات. 

في مطلق الأحوال الساحة السياسية والحزبية الإسرائيلية والإقتصادية تعيش ازمة عميقة، يقف وراءها شخص نتنياهو، الذي يُّصر على مواصلة التربع على كرسي الحكم، أو فلتخرب الدنيا. قادم الإيام يحمل بالضرورة الجواب على كل الإجتهادات.

[email protected]
[email protected]