الموقف العربي بين دعاوى المغرضين وغواية المفسدين بقلم:ا. د محمد صالح الشنطي
تاريخ النشر : 2020-02-24
الموقف العربي بين دعاوى المغرضين وغواية المفسدين
الانقسام نموذجا
العرب شعوبا وحكومات السند الرئيس للفلسطينيين؛ فالقضية قضيتهم والأطماع الإسرائيلية تشهر مخالبيها باتجاه المحيط العربي كله؛ فالشعار المحفور على واجهة الكنيست الإسرائيلي بالخط العريض (وطنك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات) وتمعّنوا في ما ينشر من قبل بعض الباحثين حول ا؟لأقصى و موطن اليهود ، والعرب هم أوفياء مخلصون لقضيتهم الأولى ؛ فالوجدان الشعبي كله ينبض بالتعاطف مع إخواتهم في فلسطين و لكن الصهاينة خبثاء صوّبوا سهامهم باتجاه هذا الرديف القوي والسند المكين ؛ فبعد إشاعة بيع الأرض التي دحضتها الحقائق لعبوا على وتر الانقسام ؛ فكان الشعار المرفوع وحّدوا صفوفكم أولا ثم اطلبوا أن نقف معكم ؛ وكانت هذه الحجة التي تمسكوا بها ؛ وكأن حركات التحررؤ في العالم لم تشهد انقساما الّا في فلسطين ، ونسوا أن كل حركات التحرر في العالم شهدت مثل هذا الانقسام و أكثر منه ؛ وأن كل الشعوب كان فيها طابور خامس يعمل لصالح العدو وقامت فيها حروب أهلية ، وأن الموالين والمعارضين موجودون في كل الأنظمة ؛ وربما قال البعض ولكن أنتم أصحاب قضية والاستيطان يلتهم أرضكم ، وأرجو أن يقرؤوا التاريخ المعاصر لأوطاننا العربية و أقربها الثورة الجزائرية التي شهدت مفتل ألاف الخونة التي زخرت بصورهم الصحف لذلك العهد ؛ ثم الحرب الأهلية الضارية التي شجرت بين يوسف بن خدّة رئيس الحكومة المؤقته و بعض قادة جيش جبهة التحرير الجزائرية الموالية لابن بيلا عشية الاستقلال في أعقاب معاهدة إيفيان 1962 التي أصبحت وثيقة الاستقلال ، وتذكر بمراجع موثوقة تشهد أن الثوار الجزائريين قتلوا آلاف الجواسيس الذين تعاونوا مع الفرنسيين يبالغ بعضهم فيصل به إلى مئات الألوف وهو بلد المليون شهيد ، وأن الاستعمار الفرنسي للجزائر كان استعمارا استيطانيا أشبه بالاستيطان الإسرائيلي و أن هناك انقساما مازال موجودا بيسن أنصار التعريب و الفرانكفونيين بصل أحيانا إلى درجة العنف ، وقد نشبت حرب أهلية ضارية ذهب ضحيتها الآلاف في أعقاب إلغاء الانتخابات التي فاز فيها الإسلاميون استمرت عشر سنين ابتداء من أوائل التسعينيات حتى بداية الألفية الثالثة ، قس على ذلك الحروب الأهلية في مختلف دول الإقليم ، فليس الشعب الفلسطيني بدعا بين الشعوب فلماذا هذا الهجوم ؟ ماذا يحدث في لبنان منذ أواسط السبعينيات حيث لم تتوقف الحرب الأهلية إلا بعد اتفاق الطائف وبعد خروج المقاومة من بيروت عام 1982 وارتكاب مجازر صبرا و شاتيلا التي نكّل فيها باللاجئين الفلسطينيين فبقرت بطون الحوامل وقتل الأطفال و الشيوخ والنساء وبلغ عدد القتلى ما يزيد على ثلاثة آلاف ضحية ،والشواهد ماثلة في الفيديوهات المنشورة على اليوتيوب حوامل وقتل الأطفال والشيوخ و النساء 1982، ماذا حدث في سوريا و العراق وليبيا وتونس و مصر... إلخ ومأساة المخيمات في لبنان وحصارها و تجويعها و مقتلة تل الزعتر التي هوجم فيها هذا المخيم أكثر من سبعين مرة واضطر قاطنوها إلى أكل القطط والكلاب و الجيف ومداواة جرحاهم بالماء و الملح وحفظ موتاهم بأكياس البلاستيك لعدم إعطائهم فرصة لدفنهم ، هذه الحقائق مغيبة عن أجيال معاصرة من الشباب ، ثم يعيرون الفلسطينيين بالانقسام.
ولكن الدعاية المغرضة جعلت من الانقسام قميص عثمان ؛ لقد أحدث هذه الفتن كلها من يشعلونها لأغراضهم الخاصة و يجندون آلة إعلامية ضخمة متعددة المنابر والفضائيات يثيرون النعرات العرقية و المذهبية والطائفية كل ذلك لصالح إسرائيل ؛ من الذي اخترع دكاكين المقاومة المزعومة لتخريب المقاومة الحقيقية ومئات المنظمات المتطرفة التي تدعي الإسلام ونشرها على مساحة الوطن العربي ؟
فلو ألقينا نظرة خاطفة على الساحة الفلسطينية والأردنية لوجدناها أقل بقاع الوطن العربي حضورا للتطرف ؛ فقد خلت من الدواعش والقاعدة تقريبا ، والانقسام الذي حدث فيها كان بسبب الانتماءات الحزبية التي ارتبط بعضها بأجندات خارجية وكانت جزء من منظومة على مستوى العالم العربي؛ بل العالم ، وكانت تتدثر بشعارات المقاومة والإسلام، قاعدتها الشعبية الواسعة غرتها الشعارات وأغوتها دعاوى المقاومة والشعارات البراقة.
يجب توعية شعوبنا بهذه الحقائق حتى يكفّ فريق من النخب الثقافية في عالمنا العربي عن الترويج للتطبيع وإيجاد المبرر للخروج عن ثوابت الأمة وعدم الإصغاء إلى مزاعم نتنياهو عن اختراقات مزعومة وقد أكّدت دول المركز وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية وقوفها إلى جانب الحق الفلسطيني وثباتها على الثوابت وكذلك دول المواجهة وفي مقدمتها الأردن وكلهم أصدق مليون مرة من هذا الكذاب الأشر نتنياهو وكذلك أكدت بقية الدول العربية ذلك، إنه يريد أن يشككنا في أنفسنا وقادتنا.
وأما ما طفى على السطح فهو الزبد الذي يذهب جفاء.
أ.د . محمد صالح الشنطي