المنتظرون لا يجيدون إلا الإنتظار
تاريخ النشر : 2020-02-24
المنتظرون لا يجيدون إلا الإنتظار


المنتظرون لا يجيدون الا الانتظار 24-2-2020
بقلم : حمدي فراج
تزداد نزعات التشدد والتطرف في المجتمع الفلسطيني بالرغم من تمسك قيادته الرسمية حد التسلح بالسلام والحوار والتهادن والتفاوض طريقا للحل والعيش المشترك ، والمشكك في ذلك عليه ان يجري مقارنة سريعة بين ما كان عليه الحال عشية اوسلو حين خرج الناس الى الشوارع يرقصون ويغنون ويودعون جنود الاحتلال بالورد واغصان الزيتون ، وبين ما هو عليه الحال في هذه الايام ، بل حتى قبل نحو اربع عشرة سنة في اول مقياس "محك" علمي حين فازت حماس بالاغلبية الساحقة في الانتخابات التشريعية . قيل يومها ان الكثيرين من ابناء فتح صوتت لها ، بما في ذلك 25% من أجهزة أمن السلطة .
تزعات التشدد الفلسطينية هي نتيجة مباشرة لنزعات التشدد الاسرائيلية التي سرعان ما انفجرت بقتل اسحق رابين ، اول وآخر اغتيال سياسي اسرائيلي عبر تاريخها ، ومن ضمن حوالي عشر جولات انتخابية فاز اليمين الصهيوني في غالبيتها العظمى ، بما في ذلك اريك شارون ، وفاز بنيامين نتنياهو بقيادة هذا المجتمع ما يزيد على نصف الحقبة السلامية "حوالي خمس عشرة سنة" .
في السنوات القليلة الماضية ، نفترض ان نزعات التشدد في الاوساط الشعبية قد تضاعفت ، ونخص الحقبة الترامبية وخطته السلامية التي اطلق عليها صفقة القرن ، بحيث بات حتى الاطفال في الشعب الفلسطيني وشعوب الامة العربية قادرون على سردها وتفنيدها ومن ثم رفضها ، في حين ازدادت شهية المجتمع الاسرائيلي اضعافا مضاعفة ، وأصبحت شهية اقرب منها الى الحيوانات المفترسية التي تلتهم اللحم والعظم والجلد والشعر .
قبل يومين ، وفي حمى الانتخابات الثالثة خلال السنة الاخيرة ، صرح نتنياهو انه سيفرغ من اعداد الخرائط الجديدة بضم المستوطنات والاغوار ونحو 30-40 % من مساحة الضفة خلال اسبوع واحد ، هو الذي يفصلنا عن موعد هذه الانتخابات ، وظلت القيادة الفلسطينية تراهن على فوز اليسار ، ناسية - او متناسية – ان هذا اليسار مجرد اوهام تعتمل في رؤوس البعض ، وان حزب ازرق ابيض لا يختلف قيد أنمله في طرحه العقائدي عما يطرحه حزب الليكود ، وان ممثله العسكرتاري اجتمع لدى ترامب عشية الاعلان عن صفقة القرن رسميا قبل حوالي شهر ، وانه مع حزب نتنياهو يشكلان حوالي 60% من هذا المجتمع (حوالي 70 مقعدا من اصل 120) ، ناهيك عن الاحزاب المتدينة وحزب ليبرمان وبينيت ... الخ ، الا اذا اعتقدت ما تسمى بلجنة التواصل مع المجتمع الاسرائيلي ان القائمة العربية المشتركة حزبا صهيونيا .
سيقولون لك : يا أخي ، انتظرتم ربع قرن على اوسلو ، فانتظروا اسبوعا اضافيا . ولو كان جدي عائشا لقال : تنتظرون الدبس من .... النمس ، فالمنتظرون الذين ادمنوا الانتظار ، لا يجيدوا عمل اي شيء آخر سوى الانتظار ، بما في ذلك توحيد صفوفهم او اطلاق يد شعبهم في مقاومة من يحتلهم ، او على الاقل اجراء انتخابات تديل السلطة لغيرهم .