إسرائيل تهديد وجودي للأمم المتحدة!بقلم: فادي أبوبكر
تاريخ النشر : 2020-02-24
إسرائيل تهديد وجودي للأمم المتحدة!بقلم: فادي أبوبكر


"إسرائيل" تهديد وجودي للأمم المتحدة!

منذ نكبة عام 1948 صدر 87 قراراً من مجلس الأمن الدولي تجاه القضية الفلسطينية، وبقيت أغلب تلك القرارات حبراً على ورق ولم يكتفي الاحتلال الاسرائيلي بعدم تطبيقها بل كانت الولايات المتحدة الأميركية دوماً في المرصاد تستخدم حقها في النقض ( الفيتو). وفي المقابل، فإن الخطة الأميركية الأخيرة المتمثلة فيما يسمى بـ "صفقة القرن"، تعتبر المحاولة رقم 88 لتصفية القضية الفلسطينية، وذلك بحسب تصريح للدكتور صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

يُطلق مصطلح الدولة الفاشلة على الدولة التي تفقد شرعيتها وهيبتها في اتخاذ القرارات العامة وتنفيذها، وتعجز عن توفير الحد المقبول من الخدمات العامة؛ ورعاية مصالح المواطنين بشكل متساوٍ دون تمييز. وفي ضوء هذا التعريف، هل يمكننا القول أن الأمم المتحدة هيئة فاشلة؟!.

لقد باتت كل محاولة لتصفية القضية الفلسطينية مناسبة لعقد المزيد من الندوات والمحاضرات وورش العمل والمؤتمرات واللقاءات في وسائل الإعلام والاعتصامات، وإصدار بيانات الشجب والاستنكار، ولم يكلّ ولم يملّ الفلسطيني من التوجه للأمم المتحدة من أجل أن تتحمل مسؤولياتها القانونية والسياسية، وذلك بصفتها المستشفى التي جرت فيها ولادة "إسرائيل" حين أصدرت شهادة ميلاد دولة الاحتلال استناداً للقرار رقم 181 الصادر بتاريخ 29 تشرين ثاني/ نوفمبر 1947.

كانت بريطانيا بمثابة القابلة التي ولّدت "إسرائيل" إثر جريمة "وعد بلفور" عام 1917، أما الولايات المتحدة الأميركية فلعبت دور المربية التي احتضنت "اسرائيل" وتولّت رعايتها وحمايتها. ومن هنا فإن العمل الفلسطيني يجب أن ينصب على مجابهة الأساس الذي قامت بموجبه "إسرائيل"، بما يتضمنه من مقاضاة بريطانيا الاستعمارية عما قامت به من زرع دولة الاحتلال في أرضنا ، إثر "وعد بلفور" الذي أسس لقيام دولة الاحتلال، واستمرار اعتقال الأسرى الفلسطينيين من قبل دولة الاحتلال، ويجب أن تبقى هذه المسألة ثابتة على الأجندة الفلسطينية وأن لا يتم التنازل عنها على مر الأجيال، حتى وإن كان وعد بلفور قد حصل قبل وجود الأمم المتحدة، فالحق لا يسقط بالتقادم.

وإذا ما افترضنا جدلاً أننا لا نستطيع مقاضاة بريطانيا على جريمتها التي اقترفتها قبل تأسيس هيئة الأمم المتحدة بقرابة ثلاثة عقود، فإن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، لهو نسف لكل مبادىء العلاقات الدولية، ولكل الأعراف والمواثيق الأممية، التي تأسست بموجبها الأمم المتحدة، وهنا نتسائل: ما المانع أن يعترف ترامب أو غيره غداً ببرشلونة عاصمة لكتالونيا أو مدريد عاصمة للباسك، إذا كانت الصفقة مربحة؟!

لقد باتت "إسرائيل" التي أصدرت الأمم المتحدة شهادة ميلادها تهديد وجودي لها، وإذا لم تستنهض الأمم المتحدة همم هيئاتها وتتعامل بحزم تجاه "إسرائيل" وأميركا وكل من يتحدى قراراتها و يصدر قرارات ووعود دون أن يأخذها بالحسبان، و تثبت للقاصي والداني بأن حقوق الإنسان وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها عالمية ولا تتجزأ، فإنها لن تتعدّى كونها هيئة فاشلة تتآكل هيبتها وشرعيتها شيئاً فشيئاً.

فادي أبوبكر
كاتب وباحث فلسطيني
[email protected]