يمكن الترحيب بمبادرة واحدة بقلم:عمر حلمي الغول
تاريخ النشر : 2020-02-24
يمكن الترحيب بمبادرة واحدة بقلم:عمر حلمي الغول


نبض الحياة
 يمكن الترحيب بمبادرة واحدة
عمر حلمي الغول

يتردد في الأوساط الإعلامية خبرا مفاده، ان دول الإتحاد الأوروبي بالتعاون مع بعض الدول العربية تعمل على صياغة مبادرة سلام جديدة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. مما أثار تساؤلات عديدة عن الأسباب، والخلفيات والأهداف المترتبة على تلك المبادرة، ومنها: ما هي الدوافع لصياغة مبادرة جديدة؟ هل باتت مرجعيات السلام غير ذات صلة؟ ولماذا الآن تنبري بعض الدول لصياغة هكذا مبادرة؟ وهل يحمل مشروع المبادرة التغطية على صفقة العار؟ وهل تخلى الإتحاد الأوروبي عن خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967؟ وهل بعض الدول العربية تريد ان تنزل عن شجرة مبادرة السلام العربية، وتتجاوزها؟ وماذا ستحمل من عناوين هكذا مبادرة؟ ماذا ستضيف؟ وماذا ستختزل من محددات مرجعيات التسوية السياسية المعتمدة امميا؟ وهل هناك حاجة من اصله لمبادرة جديدة، ام هي محاولة هروب من إستعصاءات الواقع الناتج عن المواقف الأميركية الإسرائيلية؟ ام هي محاولة لتغطية الضعف وعدم التمكن من التأثير على المواقف الأميركو إسرائيلية؟ وهل ستكون قادرة الصيغة الجديدة محاكاة المصالح والمبادىء وقرارات الشرعية الدولية، ام ستكون عملية إلتفاف عليها؟ وهل ستكون مبادرة مؤهلة لعقد مؤتمر دولي للسلام؟

كثيرة الأسئلة، التي يمكن ان تثار حول مشروع المبادرة الأوروبية العربية. لكن بعيدا عن دائرة الأسئلة، وبالذهاب للحديث مباشرة إلى صلب الموضوع، أؤكد وأجزم قاطعا، ان المسار الفلسطيني الإسرائيلي ليس بحاجة لإي مبادرة سلام جديدة. انما يحتاج إلى إرادة دولية لتطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع، وآخرها القرار 2334 الصادر في 23/12/ 2016. لإن المشهد مشبع بالمبادرات، وبالتالي كفى مبادرات، لا داعي لها، لإنها لا تخدم حل الصراع، بل تفتح بوابة خلط الأوراق، وبعثرة ركائز التسوية السياسية المتفق عليها، والمعتمدة من الشرعية الدولية. ومن حيث يدري قادة القارة العجوز والوطن العربي يمثل طرح المبادرة الجديدة مد الجسور مع صفقة القرن المشؤومة والمرفوضة، والتخلي عن 726 قرارا امميا من الجمعية العامة للأمم المتحدة، و86 قرارا من مجلس الأمن، والآف القرارات العربية وأهمها مبادرة السلام العربية المقرة في قمة بيروت عام 2002.

لا اريد ان استبق الأمور، واسقط تقديراتي على ما يمكن ان يحمله المشروع الجديد، ولكن أرى ان مبدأ طرح الفكرة غير مفيد، ويضر بمرجعيات عملية السلام، وهذا لا يخدم السياسة الأوروبية، ولا السياسة العربية. وإذا كان ولا بد من طرح رؤية جديدة، فليتم تبني ما دعى إليه الرئيس محمود عباس في كلمته أمام مجلس الأمن الأخيرة يوم الثلاثاء الموافق 11/2/2020، بعقد مؤتمر سلام دولي تحتضنه الرباعية الدولية مع عدد من الدول العربية والإقليمية لتطبيق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لإبناء الشعب الفلسطيني حملة الجنسية الإسرائيلية.

هكذا مبادرة تتوافق ايضا مع ما دعت إليه روسيا الإتحادية، وبالضرورة الصين والهند واليابان والأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة التعاون الأفريقي ومجموعة ال77 + الصين ومنظمة عدم الإنحياز تقف إلى جانبها، وتخدم فعليا عملية السلام. وتعطي زخما حقيقيا لها، وترغم الولايات المتحدة ودولة الإستعمار الإسرائيلية إلى التوقف عن تسويق بضاعتهم الفاسدة المسماة صفقة القرن.

لكن قبل او مع طرح مشروع المبادرة تحتم الضرورة على دول الإتحاد الأوروبي الإعتراف الجماعي بدولة فلسطين، لإعطاء مصداقية لها، وتسهم مباشرة في ردع التغول الإستعماري الإسرائيلي، وتلجم إدارة ترامب من المضي قدما في التساوق والشراكة مع الدولة المارقة والخارجة على القانون في الحرب على الحقوق والمصالح والأهداف الوطنية الفلسطينية. إن كان الأمر كذلك، فبالضرورة سترحب القيادة الفلسطينية بها، وتضع كل ثقلها لإنجاحها.

[email protected]
[email protected]