أمام عبقرية وحنكة الرئيس عباس (تتحطم كافة المؤامرات) بقلم:د. هشام صدقي ابويونس
تاريخ النشر : 2020-02-22
أمام عبقرية وحنكة الرئيس عباس (تتحطم كافة المؤامرات) بقلم:د. هشام صدقي ابويونس


امام عبقرية وحنكة الرئيس عباس (تتحطم كافة المؤامرات)》

 د. هشام صدقي ابويونس /كاتب وناقد

سياسي

وسط الصراعات السياسية في الإقليم الدولي وتفكك لدول، ومع تراجع محور التصدي والصمود وقواه المسلحة بطريقة مفاجأة، يتردّد في أروقة صناعة القرار الصهيو-امريكي أن اللحظة المناسبة قد حانت لفرض المؤامرة أو ما سُمّي بـ "صفقة القرن"، والتى اعادت للاذهان  المشروع الذي طرحه الصهاينة قديما والمتمثل بإعادة توطين جزء من الشعب الفلسطيني في سيناء لحلّ المشكلة المعقّدة بينهم وبين الفلسطينيين اي "حق العودة"..

والسؤال هل يتحقّق ذلك ونصبح أمام واقع جديد، وخطير ليس على مصر وجغرافية سيناء فحسب ولكن على القضية الفلسطينية برمّتها؟

دعونا نجيب على الأسئلة بفتح هذا الملف من أصوله التاريخية ..

تؤكّد وثائق الصراع في المنطقة، أن واحداً من أبرز مهدّدات الأمن القومي المصرى بعد ثورتى 25 كانون الثاني/ يناير 2011 و30 حزيران/ يونيو 2013، هو المخطّط الإسرائيلي لتوطين الفلسطينيين في سيناء بالإغراءات، وهذا المخطّط تاريخه طويل منذ خمسينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، ووفقاً للوثائق المُتاحة فإن هذا المخطّط بدأ منذ العام 1953، وكان قد رفضه الزعيم المصري جمال عبد الناصر ..

 والمخطّط بأكمله منشور فى كتاب اسمه "خنجر إسرائيل" وهو عبارة عن تصريحات لموشيه ديان وزير الحرب الإسرائيلي وقتها عن خطته لتقسيم العرب واحتلالهم.

وفي العام 1955 حاولت منظمة الأونروا خديعة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بحجج تبدو إنسانية وطلبت منه تخصيص 230 ألف فدان لإقامة مشاريع للفلسطينيين المطرودين من المحتل ورفض الرئيس جمال عبد الناصر، وفي عام 1967 قام آرييل شارون وكان قائد القوات الإسرائيلية في قطاع غزّة بتقديم مشروعه الذي هو نسخة محدثة من مشروع موشيه دايان، وكان مبرره أن المشروع لا يهدف سوى لتخفيف الكثافة السكانية في قطاع غزّة المزدحم.

 لكنه أُلحِقَ بتقديم المشروع تحرك عملي منه على طريقته الخاصة بشقّ شوارع في المخيمات الرئيسية في قطاع غزةّ لتسهيل مرور القوات إلى المخيمات، ما أدّى إلى هدْم الآلاف من المنازل ونقل أصحابها إلى مخيم كندا داخل الأراضي المصرية، وبعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع مصر رفضت إسرائيل عودة هؤلاء إلى الأراضي الفلسطينية ليصبح مشروع آرييل شارون هو حتى اللحظة المشروع الإسرائيلي الأكثر نجاحاً والذى أسّس للمشاريع اللاحقة.

وفي سنة 2003 قامت المجلة الدورية لوزارة الدفاع الأميركية بنشر خرائط تقسيم الدول العربية التي وضعها اليهودي برنارد لويس وبها إشارة لهذا المخطط، وفي سنة 2005 نفّذت الحكومة الإسرائيلية انسحاباً من قطاع غزّة كبداية كما أعلن لبدء تنفيذ المخطط، وفي عام 2006 قامت حركة حماس بحُكم غزّة بعد انشطارها عن السلطة الفلسطينية بقوة السلاح ، وفي عام 2010 – وفي 38 صفحة – جاءت أخطر وثيقة إسرائيلية في هذا المجال وهي وثيقة مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق اللواء احتياط، جيورا إيلاند، ويطرح فيها أن مملكة الأردن هي دولة الفلسطينيين، وبوضعها الجديد ستكون من ثلاثة أقاليم تضمّ الضفّتين الغربية والشرقية وغزّة الكبرى التي تأخذ جزءاً من مصر.

وقال إيلاند أن إسرائيل نجحت بجهود سرّية خصوصاً في إقناع الولايات المتحدة الأميركية بالضغط علي العرب للاشتراك في حل إقليمي للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، يقوم على استمرار سيطرة إسرائيل على مساحات ضخمة من الضفة الغربية، مقابل تعويض الفلسطينيين، بمساحات ضخمة من شبه جزيرة سيناء لإنشاء دولة فلسطينية مستقرّة وقادرة على النمو والمنافسة.

لكن أخطر ما كشفه إيلاند هو أن عملية الانسحاب الأحادي الجانب من غزّة عام 2005 كانت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه، وهو ما رفضته مصر ولا تزال، لأنها تعرف وتدرك مدى المخططات الإسرائيلية على أمن مصر القومي ، ولقد بُنيَ الاقتراح الإسرائيلى على الآتي:

1- تنقل مصر إلى غزّة مناطق مساحتها نحو 720 كيلومتراً. وتشمل هذه المنطقة جزءاً من الشريط المبني الممتد على طول 24 كيلومتراً على طول شاطىء البحر المتوسط من رفح غرباً حتي العريش، بالإضافة إلى شريط يقع غرب كرم سالم جنوباً، ويمتد على طول الحدود بين إسرائيل ومصر. وتؤدي هذه الزيادة، إلى مضاعفة حجم قطاع غزّة البالغ حالياً 365 كيلومتراً نحو ثلاث مرات.

2 - توازي مساحة 720 كيلومتراً حوالى 12 في المئة من أراضي الضفة الغربية، ومقابل هذه الزيادة على أراضي غزّة، يتنازل الفلسطينيون عن 12في المئة من أراضي الضفة التي ستضمّها إسرائيل إليها.

رفض الفلسطينيون والمصريون على مرّ تجارب الحُكم منذ عبد الناصر وحتى الان، هذا المخطّط وإن كانت الضغوط مستمرة لتنفيذه، من قبل أميركا وإسرائيل والاتحاد الأوروبى وبعض الدول الإقليمية ذات العلاقة الاستراتيجية النفطية والعسكرية مع إسرائيل ونقصد تحديداً قطر وتركيا، اليوم يتجدّد الحديث إسرائيلياً، ضمن شروط "صفقة القرن القادمة" وبعد محاولات مصر للتوصل إلى اتفاق مصالحة بين الفصائل الفلسطينية وهنا يؤكّد الخبراء الاسرائيلين الذين يهتمون بهذا المخطط أن الخطوة القادمة هي إعادة إحيائه حيث أن حماس التي كانت حركة مقاومة مسلّحة هي الآن في قلب المشروع بالخفاء، لكن من يقف اليوم عقبة أمام تلك المخططات الصهيونية القديمة "المتجدّدة" هو القيادة الفلسطينية الحكيمة بقيادة الرئيس ابومازن والذي يعتبر من أكثر الحكام في العالم حنكة في السياسة وكذلك هذا الشعب الفلسطيني المناضل واليقظ، الذي يرفض هكذا حلول تنتقص من حقوقه المشروعة والذي لا يمكن أن يستبدل وطنه بوطنٍ آخر، ونحسب أن شعباً دفع من دمه وأرواح أبنائه مئات الآلاف عبر مائة عام من التضحيات والصراع الدامي، لا يمكنه أن يقبل بأرض بدلاً من أرضه وعاصمة بدلآ من قدسه، وهو وحده القادر على سحق كل تلك المخططات السياسية الإسرائيلية؛ بأصدقائها من العرب والفلسطينيين، وبصفقات قرنها وأعتقد أن مصر كذلك – جيشاً وشعباً – ترفض هذا المخطط الإسرائيلي مهما تزيّن تحت مسمّيات، أو إغراءات، إلا أن هذا الرفض كله، فلسطينياً ومصرياً، ينبغى له أن يظل يقظاً خلال الأيام القادمة لأن المؤامرة على فلسطين، كبيرة، وخطيرة، وتلك بعض إشاراتها المقلقة.

الا ان ثبات الموقف للقيادة الفلسطينية الحكيمة وعلى راسها الرئيس محمود عباس ابومازن وتصديه لصفقة القرن ومتفرعاتها الشعب الفلسطيني بصموده لن يسمح بتمرير هذا المشروع حتى لو وضعوا الشمس بيمينهم والقمر بيسارهم لذا المطلوب التفاف شعبي فلسطيني حول هذه القيادة التاريخية الحكيمة للوقوف جميعاً في خندق واحد لمواجهة التحديات والتصدي لكافة تلك المخططات القذرة.