دمج البلديات الفلسطينية بين القبول والرفض بقلم: زياد قنداح
تاريخ النشر : 2020-02-22
 دمج البلديات الفلسطينية بين القبول والرفض

الاستاذ: زياد قنداح

احتل الكيان الصهيوني أرض فلسطين وبسط سلطته عليها حيث كانت الادارة المحلية في الضفة الغربية في ذلك الوقت واقعة تحت حكم الأردن، فيما خضع قطاع غزة للإدارة المصرية، ومع قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية في عام (1994)، تم نقل هذه الأراضي لمسؤولية السلطة الوطنية الفلسطينية حيث بسطت سيطرتها عليها بموجب اتفاق اوسلو إلى أن هذه السيطرة والمسؤولية لم تدم كثيرا، فبعد حرب عام (1967) وهو ما بات يعرف بالنكسة الفلسطينية، أعاد الكيان الصهيوني إحتلال الضفة الغربية ووضع يده على الأرض الفلسطينية وبدأ بسن قوانين مصادرة الأراضي وتنفيذ خطط الاستيطان.

باشرت السلطة الفلسطينية منذ قيامها العمل على تنظيم سياساتها الداخلية وتشكيل هيئات محلية مختلفة الأشكال من حيث الموقع الجغرافي لكل منطقة، ومساحتها، وعدد سكانها، وذلك لخدمة المجتمع الفلسطيني  وسهولة التواصل مع السكان من قبل السلطة الوطنية، إلا أنه خلال العمل وجدت السلطة الفلسطينية بعض مشكلة تتعلق بعدد الهيئات المحلية في فلسطين، حيث بلغ عدد الهيئات المحلية عام (2003) (503) هيئة محلية، بينما كانت في فترة ما بين عام (1967- 1994)  نحو (159)، وهذا ما جعل السلطة الوطنية الفلسطينية  والجهات المختصة العمل على تقليص عدد هذه الهيئات المحلية، وذلك من خلال تشجيع الهيئات المحلية المتقاربة والمتجانسة من حيث الموقع الجغرافي والمساحة وعدد السكان، ودمجها في هيئات مشتركة.

تعمل عملية دمج البلديات على ضم المجالس القروية في منطقة جغرافية متقاربة في بلدية واحدة، بحيث تكون هذه البلدية قادرة على تقديم خدمات أفضل للمستفيدين، وتتمتع بجهاز إداري ومالي وتقني ذو كفاءة عالية، حيث هذه البلديات قادرة على البقاء ومواجهة التحديات، ومستندة إلى قانون الهيئات المحلية رقم (1) (1997)، وفي فلسطين فإن عملية الدمج قد أثبت نجاحها في بعض البلديات، وفشلها في بعضها الآخر، حيث كشفت الانتخابات البلدية وملحقها الانتخابات التكميلية عن وجود إشكال عميق حول قرار دمج البلديات والمجالس القروية ولجان المشاريع (التجمعات السكانية) في بلديات موحدة او متحدة او بلديات كبرى.
يعد قرار دمج أو ضم أو توحيد أي تجمع سكاني من مدن، بلدات، قرى أو تجمعات سكانية  بأشكالها المختلفة لابد أن يسعى إلى تحقيق أهداف محددة سواء كانت سياسية، اجتماعية، اقتصادية، كما أنه لابد أن يعود بالنتائج الإيجابية على سكان هذه التجمعات وأن يكون القرار موضع رضاهم وقناعتهم التامة به.
إن ما صدر عن أهالي البلديات أو المجالس أو التجمعات السكانية المدمجة من ردات فعل سلبية على قرار الدمج خلال مراحل الانتخابات البلدية يشير بوضوح إلى أن هناك عدم رضى وعدم وجود قناعة كافية بقرار الدمج وأن سكان تلك المناطق غير مدركة بشكل كامل بالمنافع التي ستعود عليها من عملية الدمج المقررة.

ومع أن هناك نماذج ناجحة من البلديات المدمجة إلا أن هناك عدد لا يستهان به من الهيئات المحلية  لم ينجح في عملية الدمج وقد يعود ذلك لاسباب عدة أهمها :

1.    قصور الجهات المختصة في تطوير القوانين والتشريعات  ذات علاقة بعملية دمج البلديات .

2.    اختلاف نسبة عدد السكان بين البلديات المدمجة قد يكون سببا في وجود خلاف على المقاعد الانتخابية في مرحلة الانتخابات  .

3.    اختلاف في مساحة القرى المدمجة في هيئات محلية قد يكون عائقاً في توزيع المشاريع على هذه الهيئات  .

4.    عدم وجود وعي مجتمعي لدى سكان هذه الهيئات مما يجعلهم يتبعون للأنتماء العشائري .

5.    الثقافة غير ناضجة لدى بعض السكان حول دمج البلديات .   
لتجنب المشاكل التي تواجه الهيئات المحلية المدمجة فإنه يفضل قبل القيام بعملية الدمج أن تقوم الجهات المختصة وأصحاب القرار بقيام بخطوات وعمليات تسبق عملية وقرار الدمج  لإتمام هذه العملية على أكمل وجه ولتجنب المشاكل والمطالبة بعملية  فض هذه البلديات وأن عملية الدمج يجب أن تراعي عوامل متعددة مثل رغبة السكان والتواصل الجغرافي والتقارب في عدد السكان والتجانس الإجتماعي والثقافي والاقتصادي وتوفير الخدمات المشتركة،  حيث إن هذه العملية يجيب أن تتم بالموافقة الكاملة من قبل سكان تلك المناطق وفق العملية الديموقراطية التي سعت لها وزارة الحكم المحلي والجهات المختصة  بهدف تقديم الخدمات للجمهور المتلقي، وإنجاز المهام بكفاءة عالية من خلال تأطير التجمعات السكانية ضمن أطر قادرة على تحقيق أكبر قدر ممكن من اللامركزية والديمقراطية والشفافية والمساءلة  الشعبية.